Okaz

قطر.. إذا مُّت ظمآنًا فال نزل القْطر

- أحمد األحمري

قطر أم «الــجــزيـ­ـرة»؟! تحكي هـاتـان املـفـردتـ­ان حقبة تاريخية يتماهى فيها الواقع باملخيال «املتقطرن»، وتـــتـــو­الـــى الـــســـن­ـــوات لــتــصــب­ــح الــــصـــ­ـورة ذات أبعاد ثاثية، ودقة عالية، فقطر تلك الجارة الوديعة التي بـاتـت فــي كنف أشقائها عـمـرا مــديــدا، أصبحت بني عشية وضحاها خـارج سـور البيت الخليجي؛ وألن قطر والجزيرة معا قد شكلتا وعيا سياسيا غريبا ومـشـوشـا أدى -مــع مـــرور الــزمــن- إلــى نمو فطريات ضارة على تربتها العربية األصيلة، حتى ظهر على السطح ما يشبه «دويلة افتراضية» وهـي «اإلخوان املــســلـ­ـمــون» وغــيــرهـ­ـم مــن املـنـتـمـ­ني إلـــى جماعات إرهابية ومتطرفة. وإمـــعـــ­انـــا مـــن هــــذه الــجــمــ­اعــة -اإلخــــــ­وان املـــســـ­لـــمـــني- الــــتـــ­ـي تـــوشـــح­ـــت بجلد الحرباء، وامتثلت بأوامر الغرباء، أخـــــذت تــتــقــل­ــب فــيــمــا كــــان يبدو لــهــا نــعــيــم­ــا ورخـــــــ­اء بــمــنــأ­ى عن يـــد الـــعـــد­الـــة والـــقـــ­انـــون الدولي، بـــــل فـــــي عــــــــد­اء صــــريـــ­ـح ألعــــــر­اف وتـقـالـيـ­د مجلس الــتــعــ­اون لدول الـــخـــل­ـــيـــج الــــعـــ­ـربــــيــ­ــة، حــــتــــ­ى إذا أخــذت الحالة هــذه زخرفها وازيــنــت، أتـاهـا أمــر الله على أيــدي أشقائها الكبار لـيـأخـذوا على يــدي قطر نحو بر األمــان، ولينتشلوها من غيابة «التناقض» الــذي شكل وعيا غير ســوي في سياستها اإلقليمية والدولية وقادها إلى سلوك سياسي متضارب وشاذ في أحايني كثيرة. الــواقــع يشهد بــأن سـنـوات االنـحـطـا­ط واالنــــز­الق في غياهب الجماعات اإلسامية قد ولت أدراج الرياح، وذلك بعد األحداث األخيرة في تونس ومصر وليبيا وقبلها في مصر واليمن التي كشفت الستار عن سجل حافل بالهزائم وقبل ذلك الخيانات، فكان التيه في األرض حليفها، إلى أن واتتها الصدفة العجيبة بأال تكون قطر هي املـاذ فحسب، وإنما الخطوة األولى فـــي طــريــق األلـــــف حـــفـــرة، خــافــا ملـــا تصوره الــتــركـ­ـة اآليــديــ­ولــوجــيـ­ـة الــتــي أفــرزهــا خيال مــرشــديـ­ـهــم وتــــوارث­ــــوهــــ­ا فـــي مخيالهم الجمعي بأنها الطريق إلـى السيادة والرئاسة، ويأبى الواقع إال أن يفضح زيفها وعوارها. الحال أن حبًا من طرف واحد ساد لدى القيادة القطرية يشبه ذلك العشق الـذي صـوره أبـو فـراس الحمداني في بيت الشعر «معللتي بالوصل واملوت دونه.. إذا مت ظمآنًا فا نزل القطر!»، لكنه في الحالة التي تعيشها القيادة القطرية عشق السيطرة واكتساح القريب والبعيد، ولكن ما العمل إذا كانت هذه املعشوقة -أي السيطرة والنفوذ- مستحيلة وغير واقعية فـي هــذا الـظـرف التاريخي واملعطيات التي تقول أن لكل مقام حجما يختص به؟! أتلجأ القيادة الـقـطـريـ­ة الرتــــدا­ء حـــزام نــاســف تــدمــر بــه نـفـسـهـا؟! أم تستمر في الهروب إلى األمام دعوة ودعاء بالخراب والدمار؟! اإلجابة على كل ذلك تكمن في قلب وقالب الــقــيــ­ادة الــقــطــ­ريــة؛ فـهـي الــتــي تـمـلـك مـفـتـاح اإلجابة وزمام السؤال. ال شك أن ذلك اليوم املوعود قادم، يوم تفر «الجزيرة» من قطر، لتعود القيادة القطرية إلى جادة السياسة املتصالحة مع نفسها والعالم من حولها، ولتخلع عـنـهـا عــبــاءة الــحــربـ­ـاء، وتـهـيـئ نـفـسـهـا لـتـكـون سدا منيعا أمام التهديدات التي تحاك في الظام والنور ضــد أشـقـائـهـ­ا وأقـربـائـ­هـا الــذيــن يـقـول لـسـان حالهم لـلـقـيـاد­ة الـقـطـريـ­ة؛ مستحضرا اآليـــة الـكـريـمـ­ة: «لئن بسطت إلــي يــدك لتقتلني مــا أنــا بباسط يــدي إليك ألقتلك إني أخاف الله رب العاملني»، والسؤال األخير الذي يحمل شيئا من إجابة: هل من قوي أمني يعيد سفينة قطر إلى شاطئ الرشد واإلخاء، ويواري سوء ة «الجزيرة» ومخلفاتها؟!.

 ??  ?? للتواصل أرسل إلى 88548 االتصاالت 636250, 738303 زين تبدأ بالرمز 189 مسافة ثم الرسالة
للتواصل أرسل إلى 88548 االتصاالت 636250, 738303 زين تبدأ بالرمز 189 مسافة ثم الرسالة
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia