Okaz

االحتقان الشورّي ضد اإلعالم

- خالد عباس طاشكندي ktashkandi@okaz.com.sa @khalid_tashkndi

عــادت خــالل األيـــام القليلة املـاضـيـة حـالـة مـن الـتـوتـر املـعـتـاد بـني عدد من أعضاء مجلس الشورى ووسائل اإلعـالم املحلية، بعد الجدل الذي أثير في وسائل التواصل االجتماعي بسبب رفـض املقترح الـذي تقدم به أعضاء في املجلس اإلثنني املاضي حول إدخـال منهج التربية البدنية في مدارس البنات وإيجاد حصص للتربية البدنية. وجاء الرفض فور طرحه للنقاش مباشرة؛ ألن املجلس قد ناقش مسبقًا توصية مشابهة وأقرها قبل ثالثة أعوام، ولكن األمر أخذ منحى آخر في وسائل التواصل االجتماعي، إذ جمع وسـم «#الشورى_يرفض_البدنية_للبنات» أعــدادا كبيرة مـن املغردين الذين استنكروا قــرار املجلس ورأوا من الوهلة األولــى أن الرفض يتنافى مع خطة التحول الوطني 2020 ورؤية اململكة ،2030 دون إملام واضح بالتوصية السابقة في العام 2014 التي نصت تحديدًا على أن «على وزارة التربية والتعليم دراسة إضافة برامج للياقة الـبـدنـيـ­ة والـصـحـيـ­ة للبنات بـمـا يتفق مــع الضوابط الـشـرعـيـ­ة وطبيعتهن والـتـنـسـ­يـق مــع وزارة التعليم العالي لوضع برامج التأهيل املناسب للمعلمات». بطبيعة الحال، وسائل اإلعالم عالجت األمر وفقًا لردود الفعل الواسعة من ناحية، وتأخر مجلس الشورى عن توضيح مالبسات رفـض التوصية من ناحية أخرى، وهـــذا إضــافــة إلـــى أن املــقــتـ­ـرح لــم يـتـم ارتــجــال­ــه بــل تم التجهيز لــه مـنـذ فــتــرة، إذ تـقـدمـت بــه لجنة الشؤون االجتماعية واألســرة والشباب في املجلس، وال نغفل أيضًا أن املقترح السابق مضت عليه ثــالث سـنـوات دون أن تتحرك وزارة التعليم إلقــرار التربية البدنية فـي مدارس البنات إال بعد إثارة هذه القضية، كما أن إعادة تقديم توصية تمت مناقشتها والبت فيها مسبقًا يعد إهدارا للجهد والوقت، ويعطي داللة على سوء التنسيق ما بني اللجان واألعضاء. ولكن التعاطي اإلعالمي مع ما يـدور في مجلس الشورى ال يـروق لكثير من األعضاء الذين ما فتئوا بني فينة وأخرى يوجهون االتهامات لوسائل اإلعالم بالسطحية والنقل غير الصحيح واملغلوط، وهذا ما حاول بعض أعضاء املجلس تكريسه خالل األعوام املاضية سواء من خالل بعض األعضاء الذين يكتبون في الصحف أو عبر حساباتهم في وسائل التواصل االجتماعي، وكان آخرها ما ذكرته الكاتبة وعضو مجلس الشورى كوثر األربــش في «تويتر» بأنه منذ تعيينها عضوًا في املجلس الحظت عدم صدور خبر واحــد صحيح أو كامل عما يحدث داخــل املجلس، مشيرة إلــى أنها ال تعلم هل السبب هو وجود فجوة بني املجلس وبني اإلعالم أم سبب آخر؟. واتــهــام كـهـذا، ال نـجـزم بـأنـه غير صحيح، لكنه حتمًا «غـيـر دقــيــق»؛ ألن املـتـابـع بدقة لنقاشات املجلس خالل العقد األخير يـدرك أن الكثير من القضايا التي أثـارت الكثير مــن االنــتــق­ــادات كــان مـصـدرهـا أعــضــاء املـجـلـس أنـفـسـهـم، مــن بينها قضية «األعضاء الصامتني»، على سبيل املثال ال الحصر، وسبق أن أثـارهـا األعـضـاء في ،2005 وقال حينها رئيس مجلس الـشـورى آنــذاك الدكتور صالح بن حميد إن «هناك عــددا ليس بالقليل مــن األعــضــا­ء لــم يـنـطـقـوا ببنت شـفـة خــالل الـــــدور­ات املــاضــي­ــة، مـنـذ دخولهم املجلس وحتى انتهاء عضويتهم»، إضافة إلـى سلسلة من املقترحات التي ارتجلها بعض األعضاء وأثارت اللغط داخل املجلس مثل مطالبة أحد أعضاء الشورى في 2011 بتوطني وظائف العامالت املنزليات، وأثار ذلك الرأي حينها حـفـيـظـة عـــدد مــن أعــضــاء املــجــلـ­ـس نـفـسـه قــبــل أن تتلقفها وسائل اإلعالم املحلية لتبلغ اإلثارة مبلغها كنموذج بسيط لبعض القضايا التي أثارت الجدل من داخل املجلس. نـحـن ال ننكر أن املـجـلـس املــوقــر وأعــضــاء­ه هــم مــن النخب والـخـبـرا­ء واملختصني ولـديـهـم الـقـدر الـكـافـي مـن الخبرات لـــدراســ­ـة وإصــــــد­ار تــوصــيــ­ات تــدعــم املــســؤو­لــني فـــي اتخاذ الـقـرارات التي تصب في مصلحة الوطن واملـواطـن، كما أن لإلعالم دورا إيجابيا في دعم العديد من التوصيات واملقترحات وطرحها للرأي العام بأكبر قدر من املهنية، وغالبية ما يثار من جدل حول بعض املقترحات معتاد في أغلب املجالس البرملانية في العالم، ولكن اإلعــالم ليس هو املسؤول عن السلبيات والجدل الــذي تثيره بعض املقترحات التي تناقش تحت قبة الـشـورى ويـقـال إنها نقلت عبر اإلعالم بشكل سطحي وخاطئ أو غير صحيح. الحلقة املفقودة في كل هـذا.. هي الدائرة اإلعالمية الخاصة باملجلس نفسه، هي التي فشلت مــرارًا وتـكـرارًا في التواصل مع قنوات الــرأي العام لتوضيح مالبسات ما يثار داخــل املجلس مـن نـقـاشـات، وكــان آخـرهـا قضية رفــض مناقشة توصية إقـــرار منهج للتربية البدنية للبنات، فشاهدوا متى وكيف تـجـاوب إعــالم املجلس لنفسر أسباب احتقان الرأي العام ضد بعض الطروحات.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia