Okaz

قطر في حكاية دمنة !

- نجيب عصام يماني nyamanie@hotmail.com

وردت في كتاب كليلة ودمنة للوزير العالم عبدالله بن املقفع، حكاية عن دمنة تقول فيها: زعموا أن ثعلبًا أتى أجمة فيها طبل معلق على شجرة، كلما هبت ريح على قضبان تلك الشجرة حركتها، فضربت الطبل، فسمع له صوت باهر، فتوجه الثعلب نحوه ألجل ما سمع من عظيم صوته، فلما أتاه وجده ضخمًا، فأيقن في نفسه بكثرة الشحم واللحم، فعالجه حتى شقه فلما رآه أجوف ال شيء فيه قال: ال أدري لعل أفشل األشياء أجهرها صوتا وأعظمها جثة. تذكرت هذه الحكاية وما ترمز إليه مع األحداث الكبيرة التي تمر بها منظومة دول مجلس التعاون الخليجي، بسبب الخروقات القطرية تجاه جيرانها ذي الجنب ومصر الشقيقة الكبرى، ومـحـاوالت قطر فـرض سيطرتها على مجريات األمــور والتدخل في شـؤون هذه الــدول من أجل عيون اإلخــوان، وإثــارة القالقل والفنت، ودعـم اإلرهــاب ومساندة الجماعات املتطرفة، وإتيان كل مـا مـن شأنه زعـزعـة استقرار وأمــن دول مجلس التعاون وعلى رأسـهـا السعودية، رغــم اتـفـاق الـريـاض فـي الـعـام 1435 إلنهاء الخالف بني السعودية واإلمارات والبحرين من جهة وقطر من جهة أخرى، والتعهد باإلقالع عن معاداة جيرانها، وطرد حماس واإلخــوان، ووقف الجزيرة ومنعها من بث تحريضها املتواصل على األنظمة املجاورة، واالستقواء باإلخوان وشيخهم املعمم القرضاوي الـذي فاخر في شريط مبثوث أن لقطر دورا كبيرا في ثورات الربيع العربي، ودمار تلك الدول، وتحريضه علنا على قتل قذافي ليبيا بدم بارد. اسـتـمـرت قطر فــي مـؤامـراتـ­هـا وتـحـريـك رؤوس الفتنة فــي دول املنطقة، مـمـارسـة دورا أكـبـر من حجمها، نافضة يدها مما تعهدت به سابقا، واليوم وبعد أن استنفدت الدول املتضررة كل السبل لعالج الشطط القطري وتخريب املنطقة وإفشال كل املساعي والجهود الدبلوماسي­ة لحل األزمة بمواصلة سياستها العدوانية، مستقوية باإلخوان وحاضنتهم تركيا، متكئة على أحالم إيرانية بالهيمنة والتوسع، متعاطفة مع باقي الجماعات اإلرهابية األخرى والتي مولتها قطر بـ 64.2 مليار دوالر خالل خمسة أعوام في لحظات من املتعة العابرة؛ تقذف قطر أموالها في رحم حركات اإلسالم السياسي لتحصل على لذة عابرة ال تدوم طويال، مثيرة لشهوتها العدوانية وممارسة دورا أكبر من دورها وحجمها. أفـعـال قطر استطاعت إسـقـاط األقنعة وإظـهـار الـوجـه الحقيقي للشيطان، )23( ألــف حساب جندتها الـدوحـة ملهاجمة اململكة واإلساء ة إليها عبر تويتر ومنصات التواصل تبث سمومها من لبنان املخطوفة من حزب الله، وتركيا حاضنة اإلخوان، والعراق املستباح من قبل إيران. من الغباء أن تضع الدوحة نفسها في منافسة مع السعودية األكبر في مساحتها وعدد سكانها وموقعها الجغرافي ومكانتها التاريخية وثقلها الديني واملادي والسياسي، وإال كانت كطبل دمنة في حكاية املقفع. قطر تعدت حدود الجغرافيا وفواصل التاريخ استكبارا وعلوا في األرض دون مقومات حقيقية لهذا االستقواء. كلنا يذكر عندما توعد املرشح الفرنسي ايمانويل ماكرون بإعادة النظر في االتفاقات التفضيلية لقطر في فرنسا ودورها املثير للريبة عبر دعم تنظيمات اإلسـالم السياسي والتوسع في استثمارات كبيرة تحمل طابعا سياسيا، وقد أكد لقناة (بي إف تي في) بأنه سينهي االتفاقات التي تخدم مصلحة قطر في فرنسا، ومن ضمنها التحويالت املشبوهة التي تدفعها الدوحة لصالح جمعيات تعمل في ضواحي باريس واملــدن الكبرى في فرنسا، واستثمارات­ها في برامج تأخذ أشكاال تنموية داخــل املناطق واألحياء التي تقطنها الجاليات املسلمة، يخفي أجندة قطرية للترويج لإلسالم السياسي الذي ترعاه وتشدد بموجبه الهيمنة على املسلمني في فرنسا، وهذا ما حدث في أملانيا وبريطانيا والهند وليبيا وسوريا وبقية الدول األخرى املنكوبة بأموال قطرية غرضها استمرار حـركـات اإلســالم السياسي وتطويعها ملصلحتها ودعــم الجماعات الجهادية املتفلتة في العالم. إن الدوحة ما زالت راعية أساسية لحركات اإلسالم السياسي وحاضنة لزعامات تنتمي إلى جماعة اإلخوان املسلمني اإلرهابية واستغاللها لصالحها، مبررة جرائمها باتكائها على الدين واتخاذه كقناع يخفي أساليبها الرخيصة في إثارة الفنت وإشعال النار في كل الدول. تحملت عبء هذا الخطاب شخصيات معروفة في املشهد السياسي املعاصر ظلت تصدع رؤوسنا وتعكر صفو حياتنا بما تعرض من أفكار هدفها العنف والخروج على الحاكم وإشاعة الفوضى والكذب وخداع اآلخرين مثل القرضاوي وأطروحاته التحريضية، والغنوشي بأفكاره امليكافلية والتي أعلنها صراحة بفصل العمل السياسي لحزبه عن األنشطة الدعوية، وهو كذوب، وأخيرا املنصف املرزوقي الذي قال بوقاحة اإلخوان املعتادة إن حصار قطر هو آخر سهم في جعبة أنظمة تحاول منذ سنوات تحجيم دور قطر ومنعها من لعب دور سياسي خارج السيطرة، ومن أرادوا فضح قطر فضحوا وباتوا هم الذين في عزلة، وواقع الحال يكذبه. هذه نماذج من اإلخونج الذين يغيبون الحقائق بأسلوب مراوغ وخطابات تلبس لكل حالة لبوسها، إنها مثل الفيروسات في مواجهة املضادات، قطر هي الخاسر الوحيد. وقد استخف اإلخوان بقادة قطر فأطاعوهم وأضاعوا قطر.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia