ِقران وحوار ُطرشان !

عقد

تعتبر املناسبات االجتماعية من زفاف وعقد قران ونحوهما فرصًا للقاء اإلخوة والزمالء واألصدقاء، وربما باعدت الحياة وتكاليفها بني صديق وصديقه أو جــار وجـــاره السابق سـنـوات عــديــدة، فــإذا دعـيـا إلــى إحدى هذه املناسبات فرح كل منهما بلقاء اآلخر وأخذا يتبادالن أطراف الحديث ويستعيدان ذكريات مضت إلى غير رجعة! حتى يقال للحضور تفضلوا إلى العشاء. وكان يصاحب تلك املناسبات ال سيما في منطقة مكة املكرمة االستعانة بمنشد يطلق عليه مسمى (جسيس) ألداء املجس الحجازي املتضمن الترحيب بالضيوف وامتداح أســر العروسني وتقديم التهاني للعريس وعـروسـه والتمنيات لهما بالرفاه والبنني، ويكون ذلك كله في أقل من عشر دقائق، ولكن هذا األمـر تطور بشكل سيئ في األعوام األخيرة، فحل محل الجسيس فرقة تتكون من عدة أفـراد من الهواة يأتون إلى صاالت األفـراح (بمقابل مـادي) مجز ومعهم طبولهم ودفوفهم ومكبرات صوت مزعجة تركب في كل زاوية من الصالة، فإذا بدأت الفرقة (املاسية!) في الغناء والعزف والطبال والهبال، صكت آذان الحضور فال يستطيع أحد منهم سماع صوت من يجاوره تمامًا في الطاولة نفسها حتى لو ظل يصرخ في أذنه ليقول له (كيف حالك؟)؛ وألن جاره لم يسمعه ولم يفهم ما قاله فإنه يرد عليه قائال: (حمادة في الجامعة) ظنا منه أنه كان يسأله عن أحوال ابنه حمادة مع الــدراســة! فيتحول حــوار من في الصالة إلـى حــوار طـرشـان، وربما بدأ بعضهم يشعر بالصداع أو بالتهاب اللوزتني من كثرة الصراخ فيقرر مغادرة املناسبة قبل موعد تناول الطعام معتذرا بوجود مناسبة أخرى تقتضي منه مجاملة أصحابها باملرور عليهم لبعض الوقت من باب قسمة املودة بني جميع الداعني له في تلك الليلة، مع أنه في حقيقة األمر مغادر إلى منزله ليقول ألم العيال: عبي العشاء يا مرة! فترد عليه متعجبة: وي أنت ما اتعشيت في الزواج؟ ولو سألت 99.99 % من الحضور عن الصخب القائم في املناسبات االجتماعية ألبدوا تـأفـفـهـم وانــزعــاجــهــم مــنــه، مـقـتـرحـني تخفيف أصــــوات املــكــبــرات بـمـا يـسـمـح للحضور بـالـحـديـث بعضهم مــع بـعـض، وعـــدم تـأخـيـر وقــت الـعـشـاء وأن يـكـون بينهما (فاصل ونواصل)، ولكن الواحد منهم إذا ما احتفل بمناسبة مماثلة جاء بفرقة اإلزعـاج وظل يرقص معهم ويلف مثل (املــدوان)، فـإذا عاتبه أحد أصدقائه أو أقاربه على ما فعل رد عليه قائال: هي ليلة واحدة في العمر يا قمر؟!