Okaz

احلمر.. رجل التربية في زمن البدايات الصعبة

-

ﺍﻗﺘﺮﻥ ﺍﺳﻢ ﻋﺒﺪﺍﻟﻤﻠﻚ ﻳﻮﺳﻒ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﺤﻤﺮ )ﺃﺑﻮﻣﺮﻭﺍﻥ( ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﻦ، ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺃﺑﻮﻇﺒﻲ، ﺑﺎﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﻛﺎﻥ ﺃﺣﺪ ﺭﻭﺍﺩﻫﻤﺎ ﻭﻣﺆﺳﺴﻲ ﻫﻴﺎﻛﻠﻬﻤﺎ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ. ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺮﻙ ﺑﻼﺩﻩ ﻭﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺇﻣﺎﺭﺓ ﺃﺑﻮﻇﺒﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺘﻴﻨﺎﺕ ﻟﻴﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﻭﺿﻊ ﻟﺒﻨﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻔﺮ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ، ﻋﺮﻓﺘﻪ ﺍﻷﻗﻄﺎﺭ ﺍﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻋﺪﺓ ﺳﻨﺘﻌﺮﻑ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﺪﺭﺝ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﺳﺘﻌﺮﺍﺽ ﻣﺴﻴﺮﺗﻪ ﺍﻟﺤﺎﻓﻠﺔ ﺑﺎﻹﻧﺠﺎﺯﺍﺕ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻫﻤﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻭﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ. وأبـــومــ­ـروان، الـــذي ولــد فــي املـنـامـة فــي عــام 1934 وتلقى تعليمه األولي في «املدرسة الشمالية» (بيت النافع) املالصقة ملنزل العائلة ثــم فــي مــدرســة الــحــورة اإلعـــداد­يـــة، هــو عــم كــل مــن فيصل يعقوب الحمر (عميد كلية الـطـب ووزيـــر الصحة األســبــق فــي البحرين)، ونبيل يعقوب الحمر (وزير اإلعالم في البحرين سابقا واملستشار اإلعالمي الحالي في الديوان امللكي)، وباسم يعقوب الحمر (مدير الجمارك األسبق ووزير اإلسكان الحالي في الحكومة البحرينية)، ونجيب يعقوب الحمر (رئيس مجلس إدارة مؤسسة األيام للطباعة والــنــشـ­ـر الــتــي تــصــدر عـنـهـا صحيفة األيــــام الــيــومـ­ـيــة)، والطبيبة الــدكــتـ­ـورة عـفـاف يـعـقـوب الـحـمـر املتخصصة فــي أمـــراض النساء والوالدة. في 1957 أنهى أبـومـروان دراسته الجامعية في بيروت، وتخرج في جامعتها األمريكية حامال ليسانس التربية إضافة إلى دبلوم التعليم، فصار بذلك ثاني مواطن بحريني يتخصص أكاديميا في مجال التربية من بعد الدكتور جليل بن إبراهيم العريض الذي سبقه إلى ذلك وتخرج في نفس الجامعة في عام .1954 ولم تمض فـتـرة قصيرة على تخرجه إال والــرجــل يشد الــرحــال إلــى الخارج مجددا لكن هذه املرة باتجاه بريطانيا ملواصلة دراسته العليا في جامعة بريستول على نفقة املجلس البريطاني ‪،British Council‬ وهو ما أثمر عن حصوله في عام 1959 على الدبلوم العالي في التربية. فــي منتصف الـسـتـيـن­ـات، حينما كـانـت الـقـالقـل تـطـل بـرأسـهـا في البحرين بسبب التظاهرات املناوئة لإلنجليز والتي كان وقودها عمال شركة نفط البحرين (بابكو) وطلبة املــدارس الثانوية، كان الحمر يـديـر واحـــدة مــن أكـبـر ثـانـويـات البحرين للبنني (مدرسة املـنـامـة الــثــانـ­ـويــة)، وكـــان عليه بــهــذه الـصـفـة أن يضبط مدرسته ويحول دون تسرب طلبتها أو اشتغالهم بالسياسة. غير أن هدير الشارع من جهة وفظاظة اإلنجليز في القمع من جهة أخرى أفشلت جـهـوده نسبيا على الـرغـم مما عـــرف عنه مـن حـزم وربــط إداريني وتشدد ضد التسيب والشغب إلى درجة أن طالبه كانوا يرتعدون خوفا بمجرد استدعائهم إلى مكتبه. ومما كـتب في سياق الحدث الـــذي نـحـن بــصــدده أن اإلنـجـلـي­ـز أمــطــروا ثانوية املنامة وقـتـذاك بالقنابل املسيلة للدموع كوسيلة ملنع طلبتها من الـخـروج للحاق باملظاهرات، وملا رأى أبــــومــ­ــروان مـــا تـسـبـبـت فــيــه تــلــك الــقــنــ­ابــل من اخــتــنــ­اقــات فــي صــفــوف طـلـبـتـه ســـار بـنـفـسـه نحو الضباط اإلنجليز طالبا منهم التوقف عن انتهاك حرمة دور العلم، غير أن طلبه هذا قوبل باستفزاز أكبر تمثل في رمي قنبلة بالقرب منه ما أدى إلى سقوطه على األرض مغشيا. وعليه ال يمكن القول إن سنوات عمله في ثانوية املــنــام­ــة كــانــت مــريــحــ­ة أو ســعــيــد­ة، غــيــر أنــهــا هي السنوات التي استطاع فيها تخريج جيل من أبناء وطـنـه ممن ظـل يفاخر بهم ويعتبرهم غـرسـا زرعــه ورواه بعلمه وخـبـرتـه. فعلى سبيل املــثــال، لـم أره فـي االجـتـمـا­عـات واملنتديات الــفــكــ­ريــة الــتــي جـمـعــتــ­نــا، والســيــم­ــا اجــتــمــ­اعــات مــنــتــد­ى التنمية الخليجي، إال وهو يهمس لزمالئه قائال: «هذا املتحدث درسـته، أو ذاك املتحدث كان في مدرستي». ومــع اقــتــراب ستينات الــقــرن الـعـشـريـ­ن مــن االنـعـطـا­ف كــان الحمر على موعد مع تجربة جديدة ومثيرة مختلفة تماما عن تجاربه في البحرين كمعلم ومدير للمرحلة الثانوية ومسؤول عن إدارة التعليم الــعــالـ­ـي، خـصـوصـا أنـــه كـــان قــد نـــال آنــــذاك (ســنــة )1968 درجة املاجستير في التربية عن إدارة التخطيط من جامعة بيروت األمريكية. واملقصود بتجربته الجديدة واملثيرة هنا هو انتقاله إلـى إمــارة أبوظبي بترشيح من حكومة البحرين بناء على طلب املـغـفـور لــه الـشـيـخ زايـــد بــن سـلـطـان آل نـهـيـان الـــذي كــان قــد تسلم مقاليد األمــــور فــي إمــــارة أبـوظـبـي فــي عــام 1966 وشــــرع فــي تـنـفـيـذ خــطــة تـنـمـويـة شــامــلــ­ة لالرتقاء بإمارته في مختلف القطاعات وعلى رأسها قطاع التربية والتعليم الـذي اعتبره الشيخ زايـد أس أي ازدهار وتقدم. حـيـنـمـا وطـــــأت قــدمــا الــحــمــ­ر أرض أبــوظــبـ­ـي كان الـتـعـلـي­ـم فـيـهـا مــتــأخــ­را عــن بـقـيـة مــنــاطــ­ق الخليج بأشواط، سواء لجهة الكم أو النوع أو الشكل، بدليل مـا جـاء فـي كتاب «زايــد رجـل بنى أمــة» مـن تأليف زميل جمعية الجغرافيني امللكية الكاتب البريطاني «غــريــم ويــلــســ­ون ‪،»Graeme H. Wilson‬ وإصــــدار املركز الوطني للوثائق والبحوث في وزارة شؤون الرئاسة بأبوظبي في عام .2013 في هذا الكتاب التوثيقي تطرق املؤلف إلى الوضع التعليمي في أبوظبي في عام ،1965 أي قبل وصول الحمر بفترة قصيرة، فأشار إلى وجـود ست مــدارس فقط في أبوظبي يـدرس فيها 390 طالبا 138و طالبة، ويتولى التعليم فيها 33 معلما، مضيفا أن اإلمارات األخـــرى مجتمعة لـم تكن بها ســوى 31 مـدرسـة منها 12 مدرسة للفتيات. هـــذا الــوضــع راح يـتـغـيـر بــســرعــ­ة بـفـضـل جــهــود اإلمــــــ­ارات السبع وحكامها ورجاالتها املتنورين، خصوصا بعد قيام دولة اإلمارات العربية املتحدة الـتـي رصــدت نسبة 4 % مـن امليزانية االتحادية العامة ألغراض تطوير التعليم، األمر الذي ارتفع معه عدد املتعلمني في الدولة من 20 % من عدد السكان في عام 1971 إلى 79 % في عام 2000 فإلى أكثر من 88 % في عام ،2007 طبقا إلحصائيات منظمة اليونيسكو. وفي الوقت نفسه ارتفع عدد املدراس إلى أكثر من 1185 مدرسة في عام ،2012 منها 438 مدرسة في إمارة أبوظبي وحدها التي لم يكن بها سوى ست مدارس في عام 1965 كما ذكرنا آنفا. في أبوظبي تولى الحمر إدارة التعليم في دائـرة املعارف التابعة لحكومة أبـوظـبـي، وراح يعمل بهمة فـي تخطيط وتنفيذ برامج لالرتقاء بالتعليم في اإلمارة الفتية. وكان من املشكالت الفنية التي تغلب عليها الحمر آنذاك نقص الكادر التعليمي وصعوبة إقناع بعض املعلمني الـعـرب للمجيء للعمل فـي أبوظبي بسبب قسوة الحياة فيها فـي تلك الحقبة املـبـكـرة، حيث استطاع االستعاضة عنهم جزئيا بـمـدرسـني مــن البحرين ممن لــم تكن بيئة أبوظبي غريبة عليهم واستطاعوا التأقلم السريع مع ظروفها. وتقديرا لجهوده املتميزة تم منحه جنسية إمارة أبوظبي في عام ،1970 فقبلها من دون تردد انطالقا من إيمانه العميق باالنتماء إلـــى األرض الـخـلـيـج­ـيـة الـــواحــ­ـدة بــغــض الــنــظــ­ر عـــن التقسيمات الجغرافية واخـتـالف املسميات. كما تمت ترقيته في العام نفسه إلــى منصب وكــيــل الـتـربـيـ­ة والـتـعـلـ­يـم فــي حـكـومـة أبــوظــبـ­ـي، فظل ممسكا بهذا املنصب ويعمل في ظل وزيرها املرحوم محمد خليفة الكندي حتى عام 1976 حينما نقلت خدماته إلى وزارة الخارجية اإلماراتية ليعمل بها ملدة عام واحد سفيرا مفوضا.

 ??  ?? .. ويتابع أداء أحد الطلبة في مدارس أبوظبي أثناء امتحانات الثانوية العامة عام ٠٧٩١.
.. ويتابع أداء أحد الطلبة في مدارس أبوظبي أثناء امتحانات الثانوية العامة عام ٠٧٩١.
 ??  ?? الحمر في زيارة إلحدى المدارس برفقة محمد خليفة الكندي وزير التعليم في أبوظبي.
الحمر في زيارة إلحدى المدارس برفقة محمد خليفة الكندي وزير التعليم في أبوظبي.
 ??  ??
 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia