األزمة الكاشفة الفاضحة
تستحق األزمة القطرية أن توصف بأنها كاشفة فاضحة، فــقــد كــشــفــت وفــضــحــت الــكــثــيــر مـــن األشـــخـــاص واملواقف والحقائق والـقـصـص، وأثبتت بـاألدلـة والـوثـائـق مـا كان يصنف بالسابق على أنه مجرد شكوك واحتماالت وحتى شائعات. لقد كشفت هـذه األزمــة حجم االخـتـراق القطري للمجتمع السعودي بطيفه الواسع، وأكدت أن ما كان يقال عن تورط الكثير مـن النخب الـسـعـوديـة فـي الـــوالء واالرتــهــان لقطر هو حقيقة ال جدال فيها، وأن هناك من كان «يقبض» من الدوحة بطريقة أو أخرى ليكون أداة تستخدمها الحكومة القطرية بالوقت والطريقة واملكان املناسب. وكشفت هــذه األزمـــة أن الـوسـط الـريـاضـي الـسـعـودي بكل مكوناته كــان على مــدى سـنـوات مستهدفا مـن القطرين، باعتباره الخاصرة الـرخـوة للمجتمع الـسـعـودي، وليس عيبا االعتراف هنا أنهم نجحوا في تحقيق اختراق عميق لهذا الوسط، وكسب والء الكثير من الرياضين السعودين وخــصــوصــا مـــن يــعــمــلــون بــالــحــقــل اإلعـــامـــي الرياضي وجاءت األزمة لتفضحهم عبر مواقفهم امللتبسة واملترددة واملتذاكية. ويكفي هنا اإلشارة إلى أن ثمة شخصيات رياضية إدارية وإعـامـيـة التــزال حتى الـيـوم صامتة وتقف على الحياد بــن املـمـلـكـة وقــطــر، وكـــأن األزمــــة تتعلق بــبــلــدان مــا وراء البحار، هؤالء يجب أن نزدريهم وننبذهم ونشعرهم بأنهم مكشوفون. وجاء ت األزمة لتؤكد بشكل فاضح أن «الفخ» الذي وقع فيه بعض الرياضين، وقع فيه أيضا دعاة وضعوا «لحاهم» في الجيب واليد القطرية، ومثقفون ومفكرون وإعاميون وفــــنــــانــــون وشـــــعـــــراء ســـــال لــعــابــهــم أمـــــــام املـــــــال القطري «فقبضوا» ليستحيلوا من حيث يــدرون أو ال يــدرون إلى «مجرمن» بحق وطنهم، ومتورطن حتى آذانهم بجريمة الوالء للخارج، وقبض األموال من حكومة أجنبية، ولهذا أجدد املطالبة بسوق هؤالء إلى العدالة في الوقت املناسب، والتحقيق معهم ومحاكمتهم وتطبيق العقوبات عليهم بما يكفي لردع غيرهم ممن يضعف أمام إغراءات الخارج، إن فـلـتـان هـــؤالء مــن الــعــقــوبــات سـيـرسـل بــرســالــة خاطئة لغيرهم بــأن الـقـبـض مــن دول أجنبية والــــوالء لـهـا ليس جريمة. وأظــنــنــي لــســت بــحــاجــة إلـــى الـــقـــول إن دولــــة قــطــر ليست جمعية خيرية وهي ال تقدم املال بدافع إنساني أو لسواد عـيـون مـن يقبض املـــال، و«يتبطح» فـي فنادقها وقصور شــيــوخــهــا، ويـــمـــأ بــطــنــه مـــن مـــوائـــدهـــم، وإنـــمـــا هـــي في الواقع تشتري هؤالء ليكونوا عبيدا وجنودا وعماء لها عندما تحتاجهم لخدمة مشروعها التآمري على بادنا، والحمد لله أن األزمــة كشفتهم وفضحتهم قبل أن يحن موعد الحاجة لهم، وهــذا ال يعني أنهم لـم يلعبوا خال السنوات املاضية أدوارا مختلفة لخدمة قطر ومشاريعها ومـواقـفـهـا والــدعــايــة لـهـا والــوقــوف فــي صفها ولــو على حساب بلدنا، ومثال ذلك وجدت مقاال لكاتب سعودي في صحيفة سعودية يهاجم مسؤوال دوليا كبيرا لنا مصالح وعاقة وثيقة وقوية به وبمؤسسته الدولية، فقط ألن قطر كانت على خـاف مع هـذا املـسـؤول، كـان يمكن لهذا املقال أن يفسد عاقة اململكة بهذا املسؤول وبمؤسسته من أجل خاطر قطر!! ولــو كانت مساحة هــذا العمود تتسع لعرضت جملة من األمـثـلـة والــنــمــاذج والــدالئــل عـلـى هــذا االخــتــراق القطري الــذي جــاءت األزمــة لتفضحه وتكشف تفاصيله املفجعة والصادمة. أجل.. األزمة القطرية كانت كاشفة وفاضحة!