قطر.. والرهان اخلاسر !
الحقيقة أن نـشـر «اتــفــاق الــريــاض» فـضـح التخبط القطري وحجم التآمر املدبر في الدوحة ضد أشقائها في مجلس التعاون وبما يزعزع أمن الخليج. استماتت قطر من أجل تقسيم اململكة وبث الفوضى فيها، ودعمت الحوثيني وزودتهم بإحداثيات مواقع قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن، فاستهدفوها وسقط عـدد من الشهداء، بسبب خيانة دولــة كانت عضوًا في «التحالف». وعلى رغم تلك املؤامرات والخبث واإليـذاء الطويل، كـظـمـت الــــدول الخليجية ومــصــر غيظها وتأذيها منذ عقدين، على أمل أن يعود «االبن الضال» (قطر) إلــــى حــضــن مــحــيــطــه الــخــلــيــجــي والـــعـــربـــي. وطبقا لنصوص اتفاق الرياض وملحقاته، لو أبـدت قطر أي حسن نية، وجدية في تنفيذ ما تم االتفاق عليه فــي عـامـي 2013 ،2014و كــان األمـــر كـلـه سينتهي بالصفح والـتـسـامـح الـــذي جـبـل عليه الخليجيون إزاء بعضهم. لــكــن قــطــر أرادت غــيــر ذلــــك، وملــــا مــــد لــهــا فــي حبال الـــصـــبـــر، حــســبــتــه ضــعــفــا، وتــــمــــادت فـــي أالعيبها وأكــاذيــبــهــا، حــتــى غـــدا الــقــرضــاوي ووجــــدي غنيم وعزمي بشارة ومن على شاكلتهم هم من يخططون لقطر سياستها تجاه أهلها وجيرانها. ولذلك كانت تلك املآخذ واالتهامات املثبتة سببًا في تفجر مرجل ظل يغلي ويغلي منذ أعوام عدة. وليس صحيحا البتة ما يردده بعض املحللني الذين يزعمون أن زيــارة الرئيس دونـالـد تـرمـب للرياض في مايو املاضي هي التي أشعلت تلك األزمة في 5 يونيو .2017 بل السبب يعود إلى مؤامرات مكشوفة وسلوكيات مرفوضة، وتمويلها اإلرهاب، وتدخلها في شؤون دول شقيقة. وهــــنــــاك أســــبــــاب أخــــــرى لــلــغــضــب الــخــلــيــجــي إزاء الــتــآمــر الــقــطــري املـــرفـــوض. فـبـعـدمـا تــمــت مواجهة قطر بسلوكها الذميم، وتم سحب سفراء السعودية واإلمارات والبحرين من الدوحة في ،2013 تم تدارك األمر داخل البيت الخليجي بمسعى حميد من أمير الكويت الشيخ صباح األحمد، الذي أسفرت وساطته عن اتفاق الـريـاض. ولعل تعمد قطر االستمرار في تجاهل االلتزامات املترتبة عليها بموجب االتفاق ومـالحـقـه التكميلية وآلــيــات تـنـفـيـذه يـنـم عــن عدم تقدير واحـتـرام للجهود التي بذلها أمير الكويت. فــفــي قــطــر ال تــوقــيــر لـكـبـيـر مــنــذ اإلطـــاحـــة باألمير السابق الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، عليه رحمة الــلــه! وظــلــت الـــــدول الــثــالث املــتــضــررة مــن السلوك القطري تتكتم على نصوص االتفاق ووثائقه حتى بــعــيــد انـــــدالع أزمــــة 5 يــونــيــو .2017 ورأت بعض الـجـهـات ضـــرورة كـشـف األدلـــة الــدامــغــة الــتــي تدين قطر، فتم نشر بنود االتفاق ووثائقه، ليعرف العالم أجمع الخطيئة القطرية، وفق ما ينص عليه االتفاق املـوقـع عليه مـن أمير قطر وينص أحــد بـنـوده «في حــال عــدم الــتــزام أحــد أطــرافــه بـمـا ورد فــيــه، فيحق لآلخرين نشر االتـفـاق، واتخاذ ما يـراه مناسبا من اآلليات للحفاظ على أمنه». وال بد من كلمة أخيرة في شأن مذكرة التفاهم حول مـكـافـحـة تــمــويــل اإلرهـــــاب الــتــي وقـعـتـهـا الواليات املــتــحــدة مــع قــطــر، قــبــل يـــوم مــن انــعــقــاد االجتماع الـــربـــاعـــي األمـــريـــكـــي فـــي جـــــدة. فــقــد أعــلــنــت الــــدول املقاطعة لقطر أنها تثمن مسعى واشنطن في هذا الــشــأن، لـكـنـهـا لــن تـقـبـل مــن جـانـبـهـا ســـوى برقابة للسلوك القطري، ألن ثقتها أضحت معدومة، بسبب تاريخ طويل من النكث بالعهود، وتجاهل االتفاقات، والتمسك بسياسات التفتيت. ومن الواضح أن قطر، التي يديرها من وراء ستار أميرها السابق حمد بن خليفة آل ثـانـي، تــجــاوزت الـتـاريـخ والديموغرافيا وعالقات األخوة والجيرة عن قصد. تــتــذاكــى حــكــومــة قــطــر بــأنــهــا قــــــادرة عــلــى تسديد الطعنات للسعودية واإلمارات ومصر في آن. وتريد أن تــقــول وهــي تــخــرج لـسـانـهـا أن ورقــتــهــا الــتــي لن تـخـسـر هــي اســتــضــافــة قــــادة اإلخـــــوان والجماعات املتطرفة املـنـبـوذة. بـل تـريـد أن تـقـول إنـهـا ستخرج كاسبة بـاالسـتـقـواء بــاآلخــر. وهــو رهــان مـا أخسره، ومنطق ما أعوجه. األكيد أن كلمة الحق هي التي ستسود، ولو كرهت قـطـر. ومــا لـم تـرضـخ للمطالب الخليجية تحديدا، وهي مطالب عادلة ومشروعة وسبق لها أن وافقت عــلــيــهــا، فـسـتـظـل كـتـلـة صــغــيــرة واهــمــة واهـــنـــة، بال أشقاء وال حلفاء، ومصير مجهول. والدول املقاطعة لـهـا لـيـسـت عـلـى عـجـلـة مــن أمـــرهـــا... إال ملــا يـجـب أن يتحقق مــن أجــل أمــن الـخـلـيـج ومــن ضـمـنـه الشعب الــقــطــري الــــتــــواق لــحــضــنــه الــخــلــيــجــي. ولـــعـــل قرار تيلرسون املفاجئ بـالـعـودة لـلـدوحـة، بعد اجتماع جـــــدة، وحـــــرص الــــــــوزراء األربــــعــــة عــلــى أن يحضر مــحــادثــات جـــدة وزيـــر كــويــتــي، كـلـهـا مــؤشــرات إلى أن املــبــادرة كانت وستبقى بيد «الـربـاعـي»، وسواء تــوســط تــيــلــرســون، أو لـــودريـــان، أو جــونــســون، فإن الدول األربع لن تقبل ولن ترتضي تسوية ال تضمن تــعــهــد قــطــر بـتـلـبـيـة املــطــالــب وتــنــفــيــذهــا مـــن دون
مراوغة... أو سيطول الفراق.