“UG « »U³K−Ð .bI « wÐdF « ∫dD
حتى إذا مـا استتب عرشهم، وزاد مالهم، انـقـاد أغـلـب مـلـوك العرب األقدمني إلى شهوة التوسع الجغرافي، إذ أصبح كل ملك يردف لقبه باسم كل ديار استولى عليها للتأكيد على مد سلطانه. وصـــل «أبـــو كـــرب أســعــد» قـبـل عـــام 400 مــيــالديــة إلـــى لـقـب «مــلــك سـبـأ وذوريـــــدان وحضرموت ويمنت أعرب طودم وتهمت»، أي أعراب الجبل والسهل، ثم استوعب مــلــوك الــعــرب الــقــدمــاء، واســـتـــفـــادوا مــن عـبـقـريـة «قـسـطـنـطـني األكـــبـــر» امبراطور «الـبـيـزنـطـيـة» عـنـدمـا قـــرر عـــام 375 مــيــالديــة تـحـويـل املسيحية إلـــى ديـــن رسمي المبراطوريته مـن أجــل خلق سبب مقدس للتمدد الجغرافي، والنفاذ إلــى أراض جديدة حكمًا، أو اتفاقيات اقتصادية وتحالفات سياسية. كــانــت شــهــوة الــتــوســع الــجــغــرافــي، وحـــــروب األديـــــــان، كــذلــك الــتــحــالــف العسكري والسلطوي مع عروش مجاورة، أهم أسباب خروج العرب األقدمني من قائمة «بناة الـحـضـارات»، ودخولهم قـوافـل الهجرات الجماعية، والشتات القبلي، فكل عرش له نـازع، ومسترد، وتحالفات مع الجيران «أحباشهم، وفرسهم، ورومهم»، فكانت النتيجة يحكم امللك العربي تحت وصاية أجنبية، ثم يحكم األجنبي مباشرة، فلقد تناوب على حكم اليمن األحباش والفرس بشكل مباشر. لعبت آنــذاك فــارس أدوارًا محورية في تاريخ األمــم، فعندما قـرر الـرومـان عـام 70 ميالدية سحق اليهود فـي الـقـدس «فــي عهد فسباسيانوس» استقبلتهم فارس، وكررت ذلك الحقًا مع اليهود عندما نصبت االمبراطورية البيزنطية نفسها وريثًا للرومان، وحارسًا للمسيحية. بعد ذلك بعدة قرون عاد ملك حمير «يوسف أسار» صاحب لقب «ذو نواس» عام 520 ميالدية إلعـادة تصنيع الحرب املعتمدة على دين، فأطلق أيـادي اليهود لالنتقام من املسيحيني في الجزيرة العربية حتى وصل بهم إلى «نجران» وقصة أصحاب األخدود، وكانت النتيجة مقتل «ذو نواس» انتقامًا على يد جيش األحباش، حتى وصل التاريخ بنا إلى «إبرهة الحبشي» وتوسعاته، أصابته عدوى ملوك العرب. تنازع الروم واألحباش من جهة والفرس من جهة أخرى تاريخ العرب، واستجابوا لنداءات ملوك العرب املهووسني بفكرة التوسع الجغرافي، والعيش دهورًا مديدة في أتون حروب، فال تنطفﺊ حرب إال بحرب أكبر منها. يـتـكـرر ذلــك بـمـحـاولـة قـطـر حـالـيـًا (شــهــوة الـتـوسـع الـجـغـرافـي عـلـى أكــتــاف «دين اإلخــــوان» وجـمـاعـات اإلرهـــاب املـسـلـح)، وغـيـر مستبعد أن تـعـود فــارس إلــى حكم الــعــرش الـقـطـري بـالـوصـايـة، ثــم بــاألصــالــة، بعد أن سبقهم على أرض قطر «روم األمــس، أتــراك الـيـوم»، ففي قطر حاليًا تتحقق للتاريخ إعــادة كتابة نفسه (عرش عربي، تصيبه لوثة التوسع، يستعني بروم وفرس ضد شعبه وعرقه). تقدم قطر صورة مختصرة عن ممارسات ملوك العرب األقدمني عندما زاد مالهم، ضاق بهم عرشهم، فتخيلوا له ماضيًا بعيدًا مكذوبًا، وبادروا إلى إكبار صغائره وتمجيد حقائره، وتحويله إلى بوابة يدخل منها جيوش فارس والروم إلى ديار العرب.