Okaz

حكاية االختراق اإلماراتي !

-

التقرير الـذي نشرته صحيفة واشنطن بوست ويزعم أن دولة اإلمـــارا­ت كانت وراء اخـتـراق مـواقـع وسـائـل إعالمية حكومية قطرية ونشر بيان مزور منسوب ألمير قطر، كان مركز اهتمام املتابعن لـأزمـة ألنــه منشور فـي صحيفة عاملية شهيرة لها رصيد مهم من الخبطات الصحفية الكبرى التي هزت أمريكا والــعــال­ــم، بـيـد أن ذلــك الـتـقـريـ­ر لــم يـكـن مـوثـقـًا بــاإلدلــ­ة الدامغة املقنعة وإنما مبني على تحليالت واستنتاجات استخباراتي­ة تزعم الصحيفة أنها توصلت إليها، ما دفع سفير اإلمارات في واشـنـطـن إلــى إصـــدار بـيـان توضيحي ينفي تـمـامـا صـحـة ما نشرته الصحيفة ويؤكد عـدم عالقة اإلمــارات باملوضوع، وقد نشرت الصحيفة البيان باإلضافة للموقع الرسمي للسفارة. هذا التقرير يجعلنا في حيرة إذا ثبت أنه يستند إلى تحليالت استخباراتي­ة أمريكية، فقبل فترة وجيزة صـرح رئيس لجنة االسـتـخـب­ـارات السابق فـي مجلس الـنـواب األمـريـكـ­ي أن لديهم معلومات مؤكدة عن دعم قطر وتمويلها ألعمال إرهابية منذ وقت طويل، وبعده نشرت تصريحات مماثلة منسوبة لبعض املسؤولن في وزارتــي الدفاع والخارجية، واألهــم من ذلك كله تصريحات الرئيس ترمب وآخـرهـا فـي مقابلته التلفزيوني­ة قبل ثـالثـة أيــام عـن عـالقـة قطر بــاإلرهــ­اب، فكيف يستقيم هذا التناقض املعلوماتي الرسمي بن ربط قطر باإلرهاب والحديث عــن تحليالت واسـتـنـتـ­اجـات اسـتـخـبـا­راتـيـة مـزعـومـة قــد تشي بـمـحـاولـ­ة خـلـط األوراق لتبييض سمعة قـطـر ودعـــم موقفها بصورة غير مباشرة، وأيضا بما يوحي بأن سبب األزمـة غير حقيقي لــدى الـــدول الـتـي قاطعتها وبـالـتـال­ـي عــدم مشروعية موقفها وإجراء اتها. ومــن نـاحـيـة أخـــرى فــال اإلمـــــا­رات أو غـيـرهـا مــن دول املقاطعة بحاجة إلى اختراق وسائل إعالمية قطرية للزج بقطر في هذه األزمة، ألن قطر مدانة - وليست متهمة - بمؤامراتها التخريبية واحتضان ودعم وتمويل منظمات مصنفة كإرهابية تورطت فـي أكـثـر مـن دولــة لتحويلها إلــى معترك للفوضى واالنهيار والصراع الدموي املستمر، هي مدانة بذلك منذ وقت سابق، وقد أثبتت ذلك الوثائق التي نشرت عن اتفاق الرياض عامي ٣١٠٢ و ٤١٠٢ وكثير غيرها من املعلومات املوثقة التي نشرت أو التي لم تنشر بعد. ولذلك يصبح ال حاجة أبدًا لقيام أي دولة بتلفيق تهمة لقطر بهكذا وسيلة أو غيرها طاملا توجد األدلة الدامغة التي تدينها وتثبت ممارساتها خالل عقدين من الزمن. من كل ذلك هل يمكننا القول إن وراء األكمة ما وراءهـا. أي هل نشر تقرير الواشنطن بوست تمهيد وتوطئة وتحضير إعالمي ملوقف أمريكي جديد وغير متوقع قد ينحاز إلى قطر رغم كل ما فعلته، أم أن األمر ال يتجاوز االجتهاد الصحفي الذي قد ال يكون صحيحا كما يحدث في كثير من األحيان. سوف نرى، و«األيـام ال تخبئ أحدا» كما يقول الروائي عبده خال.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia