Okaz

لننقذ سوق عكاظ من أنفسنا..!

-

هـــذه األيــــام تــقــام الـــــدور­ة الــحــادي­ــة عــشــرة ملــهــرجـ­ـان ســـوق عــكــاظ، وهي كسابقاتها دورة حافلة بـالـبـرام­ـج الثقافية والفلكلوري­ة والفعاليات التي تغوص في املاضي وقديم التراث العربي إلبـراز ما اندثر من أدب وأزياء ومظاهر احتفالية، لكن السؤال الذي ينبغي أن يطرح على منظمي هذا املهرجان الوطني الجميل هو «هل هذا يمثل الصورة الحقيقية لسوق عكاظ»؟. عبر حسابي الشخصي في تويتر كتبت قبل أيام ما معناه «لو أن عرب عصر ما قبل اإلسام الذين أسسوا سوق عكاظ يعيشون في زمننا هذا ألسموه (عكاظ اكسبو) ودعوا له أشهر الشركات التجارية واملنظمات العاملية لعرض منتجاتها وإبداعاتها وأحاطوه باملنتجعات السياحية واملـقـاهـ­ي الثقافية»، وأضــفــت: «مـهـرجـان ســوق عـكـاظ بشكله الحالي جميل لكنه لم يكن في عصره الحقيقي مهرجانا تراثيا لتذكر أدب ولباس إنسان العصر الحجري.. كان تجمعا مدنيا تجاريًا ثقافيا حديثا بمعايير ذلك الزمن». الــيــوم وفــي هــذه املـقـالـة ســأكــون أكـثـر وضــوحــا وصــدقــا مــع منظمي املــهــرج­ــان، الذين نشكرهم كل عام على جهودهم الكبيرة، وأقــول: «ما تفعلونه يا سـادة يا كـرام يندرج فعليا تحت مسمى مهرجانات «الكوميك»، وهـي احتفاليات تقام في مختلف أنحاء العالم وترتكز على التنكر في اللباس والتجمع في مكان معن وروايـة القصص، وال عاقة له من قريب أو بعيد بحقيقة وروح سـوق عكاظ، وأرجــو أن ال يغضب أحـد من صراحتي هذه، ألنها نقد املحب الذي طالب في مقالة نشرت قبل نحو 18 عاما بإحياء سوق عكاظ من املوت. مشكلة مهرجان سوق عكاظ اليوم تتلخص في الصورة النمطية التي تقدمه كفعالية أدبية تراثية، مع أن كل ما هو مرتبط باألدب الجاهلي من شعر وخطابة لم يكن سوى فعاليات جانبية تقام على هامش السوق وليست هي السوق، فاالنفتاح االقتصادي والتبادل التجاري على أوسع نطاق هو هدف أسواق العرب في ذلك العصر، وأي شيء عدا هذا الهدف ليس سوى قيمة مضافة شاء ت األقدار أن تخلدها كتب األدب والتاريخ، ألن الشعر ببساطة كـان وسيلة الترفيه الوحيدة وطريقة التوثيق األهـم ألحــداث ذلك العصر. إن كان هناك شيء اليوم يشبه «سوق عكاظ قديما» فهو معرض اكسبو العاملي الذي ســوف تستضيفه جـارتـنـا الجميلة دبــي عــام ،م2020 ولــيــس املــمــر الــتــراب­ــي املزدحم باملتنكرين والحيوانات األليفة وأبيات الشعر، وهذا يعني أن علينا أن ننقذ املهرجان الحالي من أنفسنا وننقذ تنظيمه وهويته من أيدي األدباء ومحبيهم، فاألصح أن ينظم من قبل شركات عاملية متخصصة في تنظيم املعارض التجارية والصناعية الدولية وال بأس من إلزام تلك الشركات بإقامة مقاه سياحية عصرية بجواره، يجتمع فيها الشعراء ليكتبوا معلقاتهم الجديدة على أجهزة «اآليباد» لينشروها الحقا في حساباتهم على شبكات التواصل االجتماعي ويحصدوا «اليكات» الجمهور.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia