Okaz

«محمد عبده»: وطن بال إرهاب

-

لــو كــان فــي وطــن آخــر لـربـمـا كــان أيــقــونـ­ـة فــي كــل مداخل ومــخــارج الــوطــن، بـاعـتـبـا­ره رمـــزًا لـلـسـام والـتـصـال­ـح مع الحياة بكل متناقضاتها عندما يكون صوته مستقبا كل قادم ومودعًا كل مغادر. لو كان في وطن آخر لكان حاضرًا في ماضيه، وحاضره، وغير غائب في مستقبله. لــو كـــان، ولــو كـنـا، ملــا كــان الـــذي كـــان، وملــا تحسبنا للذي سوف يصير. لو انتبهنا بـأن كل ما كـان يحدث زيـف وخــداع ملا حدثت تلك الفجوة بني األرواح الجميلة والواقع املزيف. قـبـل لـحـظـات جــاءنــي صــوتــه مـثـل مــا هـــو، وادعــــًا رخيمًا جميا، كـأنـه يـرتـل بــدايــات الـكـام الــذي هبطت بـه روحه علينا من عــل، لم يكن يغني، فقط كـان يتحدث، فــإذا كان الكام غناء فما بالكم بالغناء. تعتق الـزمـن فـي روحــه ثـم فــاح فـي حنجرته. صــار الدهر ثـمـا مـن آهــاتــه، والــزمــن أصـبـح حكاية لـذيـذة يـشـدو بها العشاق في مواويله. آآه يا محمد. آآآه ما «أرق الرياض» آه ما أرق الوطن آه ما أرق البوح الشفيف. فـي ذلــك الـزمـن املـلـعـون، توقف «محمد عـبـده» عـن الشدو ألنهم اكتسحوا املشاعر لكي يحولوا القلوب إلى مخابئ للرصاص الذي يعود إليها. في ذلك الزمن جفت الغيوم، وتصحر البحر، وأصبح الشعار: «صمت الشفايف». ليس صمتًا في طريق يستقبل مفاجآت الحياة الجميلة، وإنما صمت يتوعدنا بالجحيم، اغتالوا صوته واغتالوا الحياة معه. سافر املغني واغترب. ألن الطرب صار في وطنه غربة. صار يشدو للوطن من خارج الوطن. صار يشدو للحياة القديمة من وحي اللحظات األليمة. أطلق عصافير املواويل لعلها تعود ذات يوم إلى الوطن الذي يلهج به. تعب كثيرًا وهو يؤكد أن وطنه «فوق هام السحب». الوطن الذي رفعه فوق هامته لكنه ألغاه ذات زمن. لكنه عاد. عاد عندما آمن الوطن أن ال شيء يعلو فوق صوت الحب الصادق للوطن. عاد عندما آمن الوطن أن لديه ثروة لو أوتيت لغيره لفعل الفعائل. عاد «محمد عبده» ليشدو في الوطن، وكأني به يقول: «من بعد غيبة يا ناس حبيبي جاني خاص». في آخـر الكام هل يمكن أن أقـدم اقتراحًا ملن يهمه األمر: أقـتـرح أن يـكـون محمد عـبـده عـضـوًا فـي لجنة مناصحة اإلرهـــاب­ـــيـــني. بــقــنــا­عــاتــه ســــوف يــعــود الــبــعــ­ض، وبعوده وصوته سوف نحقق أمنية: وطن با إرهاب.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia