زمن الكوليرا
إن مقالي لن يكون رائعة غبرييل غارسيا ماركيز (الحب في زمـن الكوليرا)، ولـن أدعــي ذلـك، وإن أخــذت من عنوان القطعة األدبية الشهيرة، ولكن في هذا الوضع سوف أسقط عمدا كلمة الحب من مقالي؛ ألنـه لألسف ليس لها موقع في هـذا الزمن، وإن كان الحب حالة إنسانية يسعى اإلنسان للوصول لها طوال مراحل تاريخه وتطوره وذلك لنبل هذه العاطفة، مفردة الحب تبقى جـوهـرة الـتـاج الـتـى يسعى الجميع القتنائها والتلذذ بلحظاتها، وال تكرر تلك اللحظات كثيرا، ولن أبتعد عن العم غارسيا ماركيز بمسافة طويلة ولكن سأبقى في الجوار للكشف عن واقع مرير تمر به هذه األمة في هذه األوقات العصيبة. ســـاءنـــي وســــاء غــيــري مـــن الــشــعــب الـــســـعـــودي، وقــبــلــنــا قيادة اململكة، انتشار عدوى الكوليرا في اليمن الشقيق، ما أدى إلى أن يأمر خــادم الحرمن الشريفن امللك سلمان بن عبدالعزيز بتقديم املـسـاعـدات الطبية العاجلة الحـتـواء هـذا املــرض، وإن كـان هـذا الشيء متوقعا لوجود مثل هـذه األمــراض هناك في ظل ما يعانيه الشعب املنكوب من أوضاع ال إنسانية يمر بها، وهـذا كله بسبب تعنت وإجــرام ميليشيات الحوثي واملخلوع صالح. أعتقد أننا أمـام حالة عربية غير مسبوقة في تاريخنا، ولــن أطيل لكي ال يلتهب الـجـرح أكثر من ذلك، والحالة اليمنية هي واقعنا اآلن بكل تناقضاته، وهــي بــانـورامــا لـوضـع ال يسر إال املنتفعن من ذلـك، وسيكتب بمداد من الخجل في صفحات التاريخ إذا تم تصفحه عن بلد تمت املتاجرة بألم مواطنيه من قبل بعض أبنائه الــذيــن ارتـبـطـوا بـأجـنـدات لـــدول ال تريد الخير ال لليمن وال لألمة العربية وهي إيران ومن دار في فلكها. يا منظمات العالم اإلنسانية واإلغاثية ســاعــدوا هــذا الـشـعـب املـكـلـوم واملفجوع بكل صــدق وإخـــالص، إخـالصـا يتعدى البهرجات اإلعالمية والتلميع املاسخ، وإن استمرار جهود اململكة العربية السعودية فــي تـقـديـم املــســاعــدات لـهـذا الـبـلـد الشقيق سيبقى فــي ميزان حـسـنـات قـــادة هــذا الـبـلـد عـنـدمـا يـقـابـلـون بــه رب الـعـبـاد، وأن السعي الحثيث بجميع الطرق السياسية والعسكرية للمملكة والتحالف لدعم القيادة الشرعية والشعب اليمني وتخليصه من عبث ميليشيات الحوثي واملخلوع صالح، وبالتالي حل مشكلة اليمن الشقيق املزمنة محسوب لهم، ولكن فـي ظـل البازارات السياسية والـدول املعروفة بدعمها لإلرهاب مثل إيران وقطر اللتن لعبتا دورا في تعميق األزمة اليمنية؛ فأصبحت مسألة الحلول السياسية والعسكرية قد تستغرق فترة ليست قصيرة، نعم إن هناك بارقة أمـل، ولكن ال توجد حلول سحرية تعالج الوضع القائم على األقـل في الوقت القريب، لذلك على جميع منظمات اإلغــاثــة واملـسـاعـدات اإلنسانية الـدولـيـة دعــم جهود اململكة في هذا الشأن، وأن تقف اململكة والتحالف ومعهم قيادة الشرعية باملرصاد ملحاوالت جماعة الحوثي واملخلوع صالح في استغالل الوضع اإلنساني لتحقيق أغراض سياسية، وقد أسهمت بعض املنظمات الدولية في تفاقم هــــذا الـــوضـــع وذلـــــك بــانــحــيــازهــا بطريقة غـيـر مفهومة الدعــــاءات تـلـك امليليشيات وعــــدم نــقــل الـــصـــورة الـحـقـيـقـة عــن عرقلة الحوثي واملخلوع صالح لجهود اإلغاثة واملــســاعــدات اإلنـسـانـيـة واملـقـدمـة مــن قبل اململكة ودولـــة اإلمــــارات تـحـديـدا، وهذا العرقلة تتسبب في تفاقم سـوء الوضع اإلنساني غير املقبول في اليمن.