قطر وأوهام التراجع
من األالعيب والحيل املكشوفة التي تمارسها قطر محاولة إطالة األزمـة وإخراجها من سياقها الخليجي إلى التدويل ظنا منها أن ذلك سوف يحقق لها هدفني هما تحشيد املجتمع الدولي إلى جانبها بوصفها دولة محاصرة كما تدعي وبالتالي فتح الباب لتدخل املنظمات والهيئات لتتحول القضية برمتها من دولة تمت مقاطعتها بموجب القوانني الدولية واألنظمة السيادية لـــلـــدول بـسـبـب تـبـنـيـهـا ودعــمــهــا لـــإرهـــاب إلـــى دولــــة مظلومة مضطهدة محاصرة. أما الهدف الثاني الذي تتوهمه فهو اللعب على عامل الوقت الذي سيجعل الدول الداعية ملكافحة اإلرهاب تغير موقفها وتــتــنــازل عــن بـعـض مطالبها عـنـدمـا ال تشاهد انفراجًا لألزمة. لقد أكـدنـا أن قطر تـمـارس سياسة سـاذجـة ومـتـهـورة فـي نفس الــوقــت، ســاذجــة بالنسبة لــســوء فهمها لـسـيـاسـات الــــدول التي قاطعتها ومتهورة بالنسبة ملــردود هذه السياسة على شعبها املظلوم بها. الــدول األربــع أكــدت مــرارا أنـه ال تنازل عن مطالبها؛ ألن الهدف مــنــهــا لــيــس تـحـقـيـق أهـــــداف مــؤقــتــة أو جــزئــيــة وإنـــمـــا تعديل سياسات قطر وسلوكها بأكمله، وهي سياسات تصب جميعها فــي التفكير اإلرهــابــي واملــمــارســات التخريبية فــي تـلـك الدول. وإذا كـانـت قطر تتعنت فـي االسـتـجـابـة على أمــل تليني موقف دول املقاطعة فهي ال تفهم أبــدًا كيف تـم اتـخـاذ قــرار املقاطعة وال األســاس الـذي انبثقت منه املطالب. لقد أكد مجلس الوزراء السعودي في جلسته األخيرة أنه ال تراجع عن مواجهة اإلرهاب وداعــمــيــه بـكـل الــوســائــل والــســبــل، وأكـــد ولـــي الـعـهـد السعودي األمير محمد بن سلمان في اتصاله مع وزير الدفاع األمريكي أن مواجهة اإلرهـاب مستمرة بكل قوة وعـزم. ويوم أمس أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ذات املبدأ في تصريحاته من بـروكـسـل، وكـذلـك أكــد سفير اإلمـــارات فـي روسـيـا ووزيــر الدولة للشؤون الخارجية اإلماراتي السيد أنور قرقاش. ومـــن ذلـــك يـتـضـح أن كــل مــا تـظـنـه قـطـر مــن تــراجــع فــي مواقف الدول األربع مجرد وهم؛ ألن مطالبها تتسق مع مطالب املجتمع الدولي، وإطالة أمد األزمـة لن يتضرر منه غيرها وسيؤدي في الـنـهـايـة إلــى نـبـذهـا وعـزلـتـهـا كــدولــة خــارجــة عـلـى الــقــانــون قد تتعرض لعقوبات دولية قاسية تجعلها تندم على ما فات من حماقات.