يا وزارة الصحة.. «حيا الله اإلجنليز»

قبل أن أبدأ أود اإلقرار وأنا بأتم األوصاف املعتبرة شرعا، بأني لست مصابا بعقدة األجنبي، وال أعاني من صدمة حضارية، فقد عشت فترة من عمري خــارج اململكة طالبا مبتعثا من دولتي التي صرفت وال تــزال تصرف على تعليم أبنائها فــي الــداخــل والــخــارج فــي أوقـــات الضيق والــرخــاء مليارات املليارات، كما أني تجولت في عدد من دول العالم الفقيرة واملتوسطة والغنية الغربية منها والشرقية سائحا ومنتدبا ألعمال كانت تتطلبها طبيعة عملي لقرابة ثالثني عاما. وأرى بالدي أجمل بالد الدنيا وأعتز وأفخر بما وصلت إليه من تقدم وتطور في جميع املجاالت. بعد هذا اإلقرار الذي يبرئني من املثل الحضرمي «فتح وشاف ديك» أود أن أقص عليكم ما مررت به في مدينة «بريستول»، التي تقع في جنوب غرب إنجلترا وتبعد نحو 170 كيلومترا عن العاصمة لندن، وهي تقريبا تاسع مدن اململكة املتحدة، في هذه املدينة أصبت بعارض صحي يالزمني بني الوقت واآلخــر، وأضطر فيه إلى الذهاب ألي صيدلية في اململكة ألشتري عـالجـه بنحو 200 ريـــال، بــدال مـن أن أنتظر الـسـاعـات ملـراجـعـة أي طبيب متخصص في أي مستشفى خـاص أو في أي عيادة خاصة، وأدفــع قرابة 500 ريال للكشف، راجعت في هذه املدينة اإلنجليزية إحدى الصيدليات ألشتري الــدواء فلم أستطع، ألن القانون يمنع بيع العالجات إال بوصفة طبية، ونصحت من صيدلية حسناء بمراجعة فريق طبي يعمل في نفس املبنى الذي تقع فيه الصيدلية، وبعد أن كشف علي طبيب عام يعمل ضمن فريق طبي، أخذت الوصفة وذهبت لالستقبال لدفع قيمة الكشف، لكنهم لم يأخذوا مني هللة واحدة، وفي الصيدلية عرفت بأن سعر الدواء ال يتجاوز 45 رياال، وعندما أردت الدفع اعتذرت مني الصيدلية بكل لطف عن غلطة ارتكبتها بحقي ألنـهـا طلبت مني دفــع تسعة جنيهات، وأخـبـرتـنـي بأن الدواء بدون مقابل ألني تجاوزت الستني من عمري. تذكرت وقتها ما يردده عبدالحسني عبد الرضا في مسرحية «باي باي لندن» وخرجت أتمتم مع نفسي «حيا الله اإلنجليز». هـــذه الـقـصـة وبــــدون أي تعليق أقــدمــهــا مــع الـتـحـيـة لــــوزارة الصحة، وبقية الــــوزارات املعنية بـالـخـدمـات، وملـؤسـسـة التقاعد، والتأمينات االجتماعية، وللمجتمع بكامله، أقدمها فقط بحثا عن تقدير ومواساة واحترام ومراعاة ملن بلغ الستني.