رسالة لعقالء قطر
منذ سقوط نظام القذافي وقبله النظام البعثي في العراق استبشر العرب خيرا أن يكون زمن املؤامرات والدسائس، انـتـهـى إلـــى غـيـر رجــعــة، وأن األنــظــمــة الــتــي تـفـكـر بعقلية (داحـــس والــغــبــراء) أصـبـحـت مــن املــاضــي، ولـكـن ولألسف الشديد فوجئنا أخيرا بحجم املـؤامـرة التي ترعاها قطر بـحـق الـــدول الـعـربـيـة والخليجية الشقيقة مـنـذ أكـثـر من 20 عاما، سواء من خالل ذراعها اإلعالمية املتمثلة بقناة الجزيرة أو من خالل األموال املهربة التي تصل لكل مكان من أجل إحـداث الفتنة وخصوصا بني الـدول التي عاشت ما يسمى بالربيع العربي. وتجلى هـذا الــدور بشكل واضــح من خـالل تطبيق نظرية «الفوضى الـخـالقـة»، حيث سقطت أنظمة وقـامـت ثورات، وكــــان يــقــف خـلـفـهـا املــــال واإلعــــــالم املـــدعـــوم مـــن قــطــر، بل والسالح والدعم اللوجستي واالستخباراتي. وظهر هذا الدور بجالء في البحرين، مصر، ليبيا، وحتى اليمن، ناهيك عن سورية، والعراق، ولبنان، ودول مجلس الــتــعــاون الخليجي، وأمـــام هــذا الـكـم املــرعــب مــن اإلرهاب كــــان مـــن الــطــبــيــعــي أن تــخــشــى دول الـــتـــعـــاون الخليجي املجاورة لقطر على نفسها من الخطر الداهم الذي اكتوت منه لسنوات من خالل تفجيرات إرهابية حدثت باململكة والبحرين، والكويت، وبالتالي فمن غير املعقول ألي دولة مستقلة أن تتسامح مع أي بلد يسعى لتدميره، ومع ذلك تحملت الـسـعـوديـة وبـقـيـة دول مجلس الــتــعــاون ومعهم الشقيقة الكبرى مصر وملــدة تزيد على 20 عاما كـل هذه التجاوزات واألخـطـار قبل أن تصل لهذه املرحلة من أجل أن تعيد قطر حساباتها وتعود للبيت الخليجي بدال من التورط في تمويل اإلرهاب. أمــا قـنـاة الـجـزيـرة الـتـي لــم تــدع بـلـدا عـربـيـا، إال وأحدثت داخله فتنة فما زالـت تقوم بهذا الــدور املرسوم لها تحت مسميات مضحكة كالرأي والرأي اآلخر، وكأن أبناء املنطقة ينتظرون من هذه القناة أن تعلمهم الحرية والديموقراطية، بينما الواقع يؤكد وبعد أكثر من 20 عاما أن هذه القناة هــي مــعــول هــدم ودمــــار، ولــو كــان لــهــذه الـقـنـاة قـــدرة على التغيير كما يدعون لحولت قطر لدولة ديموقراطية على غرار النظام املوجود في بريطانيا أو السويد مثال، ولكن ما يحدث أن هذه القناة خصصت أصال لتدمير املجتمعات العربية وزعزعة األمن فيها من خالل منح جماعات اإلسالم السياسي، واملليشيات الطائفية الحاقدة وما يسمى حزب الــلــه وغــيــرهــم الــفــرصــة لــفــرض أفــكــارهــم وأجــنــدتــهــم على الجميع من خالل بث روح الكراهية بني الشعوب العربية ملصلحة إيـران واعـداء األمة العربية، وهنا فليس عيبا لو أعلنت قطر أمــام أشقائها بالخليج أنها ستراجع تجربة قناة الجزيرة وتعمل على تصحيح األخـطـاء وتنظر بما تسببت به هذه القناة، ولكن ولألسف لم يحدث ذلك حتى ولو من باب ذر الرماد بالعيون، وكأن هناك قوى خارجية تتحكم في توجيه سياسة قناة الجزيرة وليست قطر. ملـــــاذا ال يــتــعــلــم قـــــادة قــطــر مـــن شــــعــــارات قـــنـــاة الجزيرة، التسامح وتقبل الرأي والرأي اآلخر، واالبتعاد عن عنادهم ومكابرتهم، أليسوا هم أولى من غيرهم ببركات وخيرات قناة الجزيرة؟ أمــا مـا يسمى باملستشارين الـعـرب، مـن حملة الجنسيات الغربية ممن تستعني بهم قطر مـن أجــل تنفيذ خططها ومؤامراتها في تدمير املنطقة فقد حققوا ولألسف نجاحات بـــاهـــرة فـــي تــدمــيــر قــضــايــا أوطــانــهــم األصــلــيــة، ملصلحة األجـنـبـي ومــن الطبيعي أن يــدمــروا منطقتنا الخليجية انـطـالقـا مــن حـقـدهـم األعــمــى فــي تـدمـيـر كــل مــا هــو عربي ومسلم، ولن يهدأ هؤالء أو يستريحوا إال بعد تدمير قطر ودول الخليج العربي األخرى لتلحق ببقية الدول العربية التي تم تدميرها بمعرفة هــؤالء، وحينها سيكون هؤالء أول الهاربني إلـى خــارج قطر واالبتسامة تعلو وجوههم بعد قيامهم باملهمة املوكلة إليهم على أكمل وجه، ومع ذلك ال يمكن لومهم لوحدهم وإنما اللوم األكبر على من أتى بهم ليدمروا كل ما هو جميل في قطر. وإذا لـــم يــتــحــرك الـــعـــقـــالء فـــي قــطــر بــســرعــة وقـــبـــل فوات األوان إلصـالح ما يمكن إصالحه، وتعود الدوحة لبيتها الخليجي، فالصورة لن تكون وردية لهم وسينقلب السحر على الساحر، وحينها سيندمون حيث ال ينفع الندم.