من راقب تويتر مات غما !
مـن راقــب تويتر هــذه األيـــام، ارتـفـع ضغطه، وزاد همه، واكــتــأب فبكى وانـتـحـب، ثــم الذ بالصمت وأقــفــل عليه بـابـه، أصـبـح تويتر مـدعـاة للضجر والسخط وأصبح فيه كل شيء إال ما هو مفيد، امتأل تويتر حتى طفح من ضحالة الفكر وسوء األخـالق والال منطقية، كنت أظنه الصوت السائد ولكنه غدا صوتًا للبعض اتخذوه منبرًا فتملكوه واحــتــكــروه، أتـــوا بــشــعــارات جــديــدة ملهاجمة فكر قديم وأفعال عفا عليها الزمن، اتهموا ذاك الـفـكـر بنشر الــكــراهــيــة، وإقــصــاء املختلف، ومحاربة الـسـؤال الــذي لـم يملكوا لـه من األساس إجابة سوى «بل نتبع ما وجدنا عليه آبــاءنــا». أتــى املــجــددون ليحرروا هـــؤالء الــنــاس مما هــم فـيـه، هـكـذا ظنوا بأنفسهم أو هكذا ظن بهم الناس. تغيرت الــشــعــارات واألهـــــداف والــوســائــل، وبقيت األفـعـال هـي ذات أفـعـال مـن كـانـوا ينتقدون، اتهموا سابقيهم بأحادية الرأي وإقصاء املختلف، ووقعوا في ذات الفعل فصادروا آراء اآلخرين وأقصوهم لكن ليس باسم الدين هذه املرة، عقلية اإلقصاء تغلغلت بمختلف تياراته وتأصل الــرأي األوحــد في ثقافة أتت ولـألسـف مـن «ال أريـكـم إال مـا أرى». مـن يتهم اآلخرين بـالـكـره هــو كـــاره لـهـم بــالــضــرورة، ومــن يتهم اآلخرين باإلقصاء هـو أقصاهم بـالـضـرورة. شـن هــؤالء حمالت االحــتــســاب ضــد املـحـتـسـبـني الـسـابـقـني وبــــدأت املعركة بينهم، كــل يقصي ويـتـهـم اآلخـــر بـإقـصـائـه، وكــل يكره ويتهم اآلخـــر بالكراهية كــل رمــى اآلخـــر بــدائــه وانسل. كانت هذه املعارك لتكون مفيدة لو كانت بحدود الفكر إن كان هناك فكر، ولو سعت للحقيقة ال لحظوظ النفس والغلبة، ولو عززت املبادئ بدال من تمييعها وتشكيلها حسب ما تقتضيه املصلحة والــظــروف، ليست املبادئ وحدها التي فقدت في معمعة هذه املعارك الكالمية بل حتى األخـــالق والـقـيـم وآداب الــحــوار طوتها انفعاالت الحزبية والتيارات. وال أستطيع أن أطلق على هـــذه الـــتـــيـــارات أنــهــا فــكــريــة فــالــفــكــر منها بــراء، ولكن كل يدعي أو لعلهم يؤمنون بــأن قضاياهم نبيلة، كنا اعتدنا فيما مضى أن نـرفـض بــل ونــحــارب فـكـرة أن الغاية تبرر الوسيلة، فأضحت وسائلنا السيئة مبررة بنبل قضايانا، فالوسائل واألدوات حــــني تـــتـــنـــاقـــض مــــع املبادئ األساسية التي نؤمن ونروج لها فإنها تفقد الـقـضـيـة نبلها أو مــا تـبـقـى لـهـا مــن نـبـل مشوه بدناءة الوسائل والطرق والقول والفعل. البـد للكل أن يراجع األسئلة األولية مثل: ملاذا؟ وماذا؟ ومن أجل ماذا؟ وعـــن طـرقـنـا ووســائــلــنــا ومــبــادئــنــا؟ هـــذه األســئــلــة رغم بساطتها إال أنها متعسرة اإلجابة في بعض األحيان؛ ألنها إن لـم تطرق الـبـال قبل الـشـروع فـي عمل مـا وفي أثنائه فحتمًا سنضل الطريق.