توصية شورية مبنع زواج الفتيات دون الـ 15
كشفت مصادر لـ«عكاظ» تقدم أعضاء مجلس الشورى، الــدكــتــورة مــوضــي الــخــلــف والــدكــتـــورة لـطـيـفـة الشعالن والــــدكــــتــــورة نــــــورة املـــســـاعـــد والــــدكــــتــــور عــيــســى الغيث والدكتورة فوزية أبا الخيل بتوصية تطالب وزارة العدل بعدم عقد النكاح للفتيات دون سن 15 إطالقا. وشـــــددت الــتــوصــيــة عــلــى فــــرض ضـــوابـــط لــعــقــد النكاح للفتيات دون سن 18 تتضمن موافقة الفتاة واألم، تقريرا طبيا مـن لجنة مختصة لتأكيد أهلية الفتاة الجسدية والنفسية واالجتماعية للزواج، وأن ال يكون عمر الزوج أكــثــر مــن ضـعـف عـمـر الــفــتــاة، أن يــكــون عـقـد الــنــكــاح عن طريق القاضي املختص بمثل هذه األنكحة املشروطة. وبـيـنـت املــصــادر مــبــررات الـتـوصـيـة، إذ إنــه مــن الناحية الــشــرعــيــة يــعــد عــمــال بــالــقــاعــدة الــشــرعــيــة (ال ضــــرر وال ضرار)، وأن حفظ النفس اإلنسانية من الضرر مقدم على مــا ســـواه، وملــا ثـبـت مــن األضــــرار النفسية واالجتماعية والجسدية املترتبة على زواج الـقـاصـرات، ولقوله عليه الصالة والسالم «أنتم أعلم بأمور دنياكم»، إذ إن تنظيم الزواج ال يدخل في األمور العقدية أو التعبدية، بل هــو مــن شــؤون الـحـيـاة الـخـاضـعـة للمتغيرات وكـثـيـر مــن أنـظـمـة الـــدول اإلســالمــيــة بـنـاء عـلـى املصلحة الـراجـحـة تقيد ســن الـــزواج بـسـن معينة، وهــنــاك فتاوى من علمائها كقوانني بعض الــدول الخليجية، وكقانون األحــوال الشخصية املصري الــذي ينص على عـدم جواز توثيق عقد الزواج ملن لم تبلغ الثامنة عشرة من عمرها. كما أكدت املصادر أن املبرر الثاني على مستوى الصحة، إذ أثبتت الدراسات أن الزواج املبكر له مضاعفات جسدية سلبية على صحة الفتيات، مثل ازدياد معدالت اإلجهاض والـــوالدات املبكرة، إضـافـة الزديــاد العمليات القيصرية بسبب تعسر الـــوالدة فــي الـعـمـر املـبـكـر مــع ارتــفــاع نسبة وفيات املواليد نتيجة للمضاعفات املختلفة مع الحمل والــوالدة للفتيات في عمر مبكر (تقرير اللجنة املشكلة بوزارة الصحة املرسل لهيئة حقوق اإلنسان )2009 كما أن للتوصية مـبـررات نفسية لصحة األم ومواليدها، إذ أثــبــتــت الـــدراســـات الـنـفـسـيـة أن زواج القصر يرتبط بشكل دال بـــارتـــفـــاع املـــعـــانـــاة الحـــقـــا مـــن االضــــطــــرابــــات النفسية، كـالـقـلـق واالكــتــئــاب والـــوســـاوس واملــخــاوف االجتماعية واضـطـرابـات الـنـوم ومشكالت التوافق الجنسي، وتمتد املــضــاعــفــات الـنـفـسـيـة املـخـتـلـفـة إلـــى أطــفــال األم القاصر نتيجة قصور النضج العقلي واالستعداد النفسي الالزم للقيام بوظيفة األمومة. وأكدت املصادر أن النتائج التي يسببها زواج القاصرات تــشــكــل عــبــئــا عـــلـــى الـــنـــظـــام الـــصـــحـــي ونــــظــــام الرعاية االجتماعية في الدولة، ذلك أن ظهور املشكالت الجسدية والنفسية واالجـتـمـاعـيـة، ســواء على األمــهــات الـقـصـر أو مـوالـيـدهـن يشكل عبئا اقـتـصـاديـا إضـافـيـا عـلـى النظام الصحي ونظام الرعاية االجتماعية في الدولة. وأكــــدت املــصــادر أن مــبــررات الـتـوصـيـة لــم تـقـتـصـر على الصحة، بـل أيضا ملـا يسببه زواج الـقـاصـرات مـن تسرب مــن الـتـعـلـيـم، إذ يعتبر الـتـسـرب مــن التعليم فــي مرحلة دراسـيـة مبكرة أحــد أشــد نتائج الـــزواج أو الحمل املبكر لكون التعليم من أهم األدوات لتمكني النساء ومن وسائل تغيير الواقع االجتماعي والثقافي التقليدي الذي يحول دون االرتقاء بأوضاعهن. ومن الناحية االجتماعية االقتصادية فإن
العالقة بني الفقر والـزواج املبكر عالقة دائــريــة مـعـقـدة وذات أبــعــاد مــتــعــددة، فـلـيـس الـفـقـر أحد أسـبـاب الــزواج املبكر فقط، وإنـمـا هـو أيضا أحـد أسباب اسـتـمـرار الفقر، خصوصا حـني تصبح الفتيات عائالت ألسرهن في حاالت الطالق أو الترمل. وأشـــارت املــصــادر إلــى االتــفــاقــات الـدولـيـة الـتـي صادقت عـلـيـهـا املــمــلــكــة: إذ إن تــزويــج الــفــتــيــات الــقــصــر مخالف لهذه االتفاقات، ومنها اتفاق حقوق الطفل الصادرة عام ،1988 والتي تنص املادة األولى منه على أن (الطفل هو الـــذي لــم يـتـجـاوز الـثـامـنـة عــشــرة)، واتــفــاق الـقـضـاء على جميع أشــكــال التمييز ضــد املـــرأة الــصــادرة عــام 9٧91، وتنص الفقرة الثانية من املادة السادسة عشرة فيه على: (ال يكون لخطوبة الطفل أو زواجــه أثـر قانوني، وتتخذ جميع اإلجراءات الضرورية، بمافي ذلك التشريعي منها، لتحديد سـن أدنــى لــلــزواج)، وبــروتــوكــول منع ومعاقبة االتجار باألشخاص، خصوصا النساء واألطفال الصادر عام ،2000 إذ تنص الفقرة (أ) من املادة الثالثة منه على (يقصد باالتجار باألشخاص، أو تلقي مبالغ نقدية أو مـزايـا لنيل موافقة شخص لـه سيطرة على شخص آخر لغرض االسـتـغـالل، ويشمل ذلــك سائر أشـكـال االستغالل الـجـنـسـي). كـمـا تـنـص الـفـقـرة (د) عـلـى، (يـقـصـد بتعبير طفل أي شخص دون الثامنة عشرة من العمر).