هواء في أدمغة الشباب
نـحـن نعيش فــي دولـــة شــابــة، إذ تـصـل نسبة الشباب مـن الـتـعـداد السكاني مـا يـفـوق ،%60 ومــع هــذا اليزال الــشــبــاب يــعــانــون مـــن مــشــاكــل جــمــة ظــلــت متأرجحة، وخـــال الــســنــوات املـاضـيـة كـانـت كــل إستراتيجية في التخطيط تقفز الفئة الشابة مـن غير أن تـكـون هناك رؤية مستقبلية لهذه الفئة، وقد كانت وزارة التخطيط تكتفي بوضع الرئاسة العامة للرعاية الشباب كبوابة وحيدة ألن تجمع أطياف الشباب بجميع توجهاتهم وفشلت فشا ذريعا كون الرئاسة آنذاك لم تعترف ذات يــوم بتطبيق الرعاية واحــتــواء جميع الشباب وخلق قنوات بتعدد التوجهات. وقــد كتبت -مـنـذ زمــن- عــن مسمى الـرئـاسـة وعاقتها بالشباب، وهل هي حقا الحاضنة لهذه الثروة الوطنية واملتبنية ألحامهم واملساندة لطموحهم؛ ألن جزء ا من مسماها (رعاية الشباب)، ويبدو أنها في غمرة الركض خلف الكرة نسيت ذلك املسمى، وبسبب إهمالها املريع للشباب بــت أحـمـل ســـؤاال دائــمــا مــا أردده: هــل رعاية الشباب يقتصر دورها فقط على كرة القدم؟ فـي تلك الـفـتـرة، طالبت بـإيـجـاد وزارة مستقلة تعنى بالشباب لتكون الحضانة الحقيقة لـلـثـروة البشرية التي سينهض على أكتافهم املستقبل إال أن املخطط قفز مرة أخرى على هذه الفكرة وظل الحال على ما هو عليه. وال يـخـفـى عــلــى أحـــد املــشــاكــل والـــتـــأزمـــات الــتــي تمر على الشباب، وهي أزمـات بحاجة ماسة لجهة تتبنى قضاياهم وهمومهم وتقف إلـى جانبهم رافعة شعار (حماية رجال املستقبل) إال أن الرئاسة ومنذ نشأتها لم تتنب أي قضية شبابية ولم تدافع عن أي مطلب شبابي حــتــى عــنــدمــا تــم اخــتــطــاف الــشــبــاب مــنــذ الثمانينات املـيـاديـة ملـعـارك الـجـهـاد لـم تقم الـرئـاسـة بـشـيء يذكر من أجل استرداد هـؤالء الشباب فكريا بتبني مشروع ثقافي تنويري أو تسهم في جذب الشباب إلى الجهة األخرى من الحياة.. فالرئاسة تفرغت لضخ الهواء في الرؤوس كما يضخ في كرة القدم.. هواء في هواء. واآلن وهـي مدانة ماليا وتعاني من ضمور حتى في مـنـجـزاتـهـا الــكــرويــة ال يـمـكـن لـنـا أن نــركــن عليها في تحليل مسماها الـذي لم تعد تحمله (رعاية الشباب) فقد تنافر الشباب بمشاكلهم وانكساراتهم من غير فعل إيـجـابـي قـامـت بـه أو دعــت إلـيـه أو تبنته حتى بيوت الشباب التي كانوا يفاخرون بها غدت هواء في هواء. وعندما نسمع يوميا أن شبابنا تم اختطافهم للذهاب إلــــى مـــواقـــع الـــحـــروب لـــم أســمــع بــاملــقــابــل أن الجهاز املسؤول عن الشباب فعل شيئا يذكر من أجل تخفيف نسبة الذاهبني أو سأل نفسه: ماذا فعلت من أجل هؤالء الشباب؟ وبــعــد الــقــفــزات املـتـتـالـيـة لـــــوزارة الـتـخـطـيـط فــي عدم اهتمامها بالشباب ها هي تفاجئنا أن هناك مشروعا ضخما سيتم إطاقه تحت مسمى «البرنامج الوطني للشباب»، وأوضــح تقرير رسمي لــوزارة التخطيط أن البرنامج تم الشروع في تنفيذه إذ تم تخصيص 13 تحديا تـواجـه الشباب ومــن ثـم اإلعـــداد إلستراتيجية لتذليل العقبات. وألن البرنامج لم يحدث أو يحقق أي شيء على أرض الــواقــع، التـــزال تهمة عــدم االهـتـمـام بالشباب موجهة لكثير من الوزارات واملرافق، وما زلت عند رأيي القديم بـضـرورة اسـتـحـداث وزارة تعنى بالشباب فـي جميع احتياجاتهم.