Okaz

من أطاع غضبه أضاع أدبه

-

قبل أيــام وصلتني حكمة مكتوبة بمخطوط مـن صديق حميم مثقف وأديب طلب مني حل املخطوط، حاولت ولم أستطع قراءة املخطوط فجاءني الجواب من صديقي وهو عــنــوان هــذا املــقــال فقد وعـــدت صديقي بــأن هــذه الحكمة سأكتب عنها ضمن هذه الزاوية. عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجـا قـال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: ال تغضب، فردد مرارا، قال: ال تغضب؛ رواه البخاري. وكـــان والــــدي يـرحـمـه الــلــه يـوصـيـنـي ويــقــول: يــا ابــنــي إن شــعــرت بـالـغـضـب فــأذهــب وتــوضــأ ألن الـغـضـب مــن عمل الشيطان الــذي خلق مـن نـار واملــاء تطفئ الـنـار. وقـد قيل إن حديث الغضب هذا هو ربع اإلســام؛ ألن األعمال خير وشــر، والشر ينشأ عن شهوة أو غضب، والخير يتضمن نـفـي الــغــضــ­ب، فتضمن نـفـي الــشــر. لـيـسـت الــحــيــ­اة دائما متاعا ولهوا، سهلة وحلوة، شغفا وهوى، فبها املرير وبها القاسي والعسير وبها الهني واليسير، ولذلك الكل يدرك أن العيش فيها ليس فقط شهيقا وزفيرا، وإنما تعب وجهد وعـمـل ومـعـامـلـ­ة، ملـواصـلـة املـسـيـر، وبـالـتـال­ـي الكثير منا أثناء معاملته مع اآلخرين يصل به األمر إلى التوتر وفعل املستحيل، فا يكتفي بالقليل، ويتعدى حدوده، ويتجاوز كـل الـــردود واملـعـاصـ­ي. وهــذا راجــع إلــى الـغـضـب، كيف ال وهو ينسي الحرمات، ويدفن الحسنات، ويخلق الجنايات، فأين ذلك الشخص الواعي البشوش، إذا رأيته قلت يا سام على اإلنسان الراقي باألخاق، السامي بها كالعماق، وفي لحظة غضب يضحي كبركان ثـائـر، ال تخمد حممه، وال تنطفئ نيرانه، فالغضب حالة نفسية يصاب بها املعظم منا، إذ ال يستطيع التصرف في املوقف، إال بتوتر، وسوء النظر، للقضية والحضر، ال بغض البصر ودفـع الضرر، بــل بــســوء الـتـقـديـ­ر فــي األمــــر، أنـتـخـلـى عــن صــفــات العفة واألدب، ونرتكب الذنب، في لحظة غضب. فأنت يا غافا عن الصواب، أتنسى املولى التواب، وللخطأ تتمادى في االرتكاب. ألم تدرك بعد أن عدم تحكمك في تصرفاتك من أقوال وأفعال، تضاف إلى ميزان السيئات فتذهب الحسنات. وليس هذا فقط بل ستجرح وتهني مشاعر الشخص الذي هو قد يكون من أهلك أو أرحامك أو أصدقائك، وتحز في نفسه، وتصبح بالنسبة له وحشا متعطشا للقضاء على فريسته، فلم الغضب والتسرع، واالنفعال والتذمر. فصبرا على املكروه، خيرا من الوقوع فيه، تحكم في نفسك حتى ال تكون عرضة لوسوسة الشيطان، وخاضعا له بسهولة، فهذه سنة الحياة ثلة في االنصياع، والكثير في الضياع، فا تطع غضبك كي ال تضيع أدبك، وأتبع املصطفى صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي قيل عنه إنه ربع اإلسام. فعليك أن تستجيب لـوصـيـة الـحـبـيـب، وال تـكـن للغضب مجيبا، ولله كـن دائـمـا منيبا، فـا تنس وأنــت فـي لحظة غضب، قل يا رب لتعود للرشد. ومن أطاع رغباته ضاعت أخــاقــه ومــن أطـــاع شـهـواتـه كــثــرت أخــطــاؤه وخــســر أهله وأرحامه وأصدقاءه وزماءه ومن أطاع شيطانه وأهواءه خسر آخرته. عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قـال: ال تعتمد عـلـى خـلـق رجــل حـتـى تـجـربـه عـنـد الـغـضـب. فمن أطاع غضبه أضاع أدبه.

للتواصل ((فاكس ))0126721108

 ??  ?? د. عبدالعزيز معتوق حسنين
د. عبدالعزيز معتوق حسنين

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia