Okaz

الدنيا لك أو أنت للدنيا ؟

- د. علي بن ذيب األكلبي

استخلف الله اإلنسان في األرض لعمارتها،

ََ قــال تـعـالـى ﴿وإذ قــــال ربــــك لــلــمــا­ئــكــة إني جاعل في األرض خليفة قالوا أتجعل فيها

‪َِ ُِ‬ من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح

‪َِ َِ‬ بــحــمــد­ك ونـــقـــد­س لـــك قـــال إنـــي أعــلــم مــا ال

َِ تعلمون﴾ (البقرة: )30 وقــال تعالى «وهو الذي جعلكم خائف األرض ورفع بعضكم

‪َْ ََ‬ فـوق بعض درجــات ليبلوكم في ما

‪َِّ ٍَّ‬ آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه

ٌِ لغفور رحيم» (األنعام: .)165 وقال تعالى «الذين إن مكناهم فـــي األرض أقــــامــ­ــوا الصاة

َِ وآتوا الزكاة وأمروا باملعروف ونهوا عن املنكر ولله عاقبة األمــور» (الحج: ،)41 وتبعا لذلك سخر الله لإلنسان ما فـــي األرض مـــن مخلوقات وجمادات ليستخدمها أثناء مسيرته خليفة فيها في أكله وشــربــه، ولبسه، وحـرثـه وعـمـارتـه، وسلمه وحربه.. إنّ تمكن اإلنسان من إدراك حقيقة وجوده وتكيفه مع متطلبات تحقيق الغاية التي خلق ألجلها تجعله ينعم في حياته وستكون الدنيا له فيأخذ منها قدر حاجته، ويــعــمــ­ل فــيــهــا حــســب طـــاقـــت­ـــه، وسيحترم مــن هــم مــعــه فــي هـــذه الــرحــلـ­ـة وال يتعدى عـلـيـهـم وبــهــذا سـيـكـف عـنـهـم لــســانــ­ه ويده ولن يحتاج للسب والشتم والضرب والقتل والسرقة والنهب واالغتصاب والتطلع إلى ما لـدى غيره لعلمه أنـه ليس لـه، وسيكون ابن يومه لعلمه أن «ما مضى فات واملؤمل غيب وله الساعة التي هو فيها»، أما اآلخر الـذي سيكون للدنيا فستجده حاثا خطاه ومتجاوزا مداه وباذال وسعه ووسع غـيـره، ومتمنيا حـيـازة األموال كــلــهــا، ومــتــطــ­لــعــا ملـــا فـــي يد غيره ومعتديا على كل من قدر عليه وشاهرا لسانه ومــــادا يـــده وهـــو بهذاك «املــنــبـ­ـت الــــذي لــم يقطع األرض ولـــــم يـــبـــق على الظهر» وفي نهاية األمر لـــن يـــكـــون لـــه أكـــثـــر مما قـــدر لـــه، وفـــي املحصلة، فـالـجـمـي­ـع اسـتـكـمـل رزقه وأجـــلـــ­ه وكـــــان كــمــا قــســم الـــلـــه لـــه شــقــيــا أو سعيدا.. والفرق أن األول أدرك أن الدنيا له ليستعملها فرضي واطمأن.. واآلخر ظن أنه للدنيا فاستعبدته وأتعسته.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia