الدنيا لك أو أنت للدنيا ؟
استخلف الله اإلنسان في األرض لعمارتها،
ََ قــال تـعـالـى ﴿وإذ قــــال ربــــك لــلــمــائــكــة إني جاعل في األرض خليفة قالوا أتجعل فيها
َِ ُِ من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح
َِ َِ بــحــمــدك ونـــقـــدس لـــك قـــال إنـــي أعــلــم مــا ال
َِ تعلمون﴾ (البقرة: )30 وقــال تعالى «وهو الذي جعلكم خائف األرض ورفع بعضكم
َْ ََ فـوق بعض درجــات ليبلوكم في ما
َِّ ٍَّ آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه
ٌِ لغفور رحيم» (األنعام: .)165 وقال تعالى «الذين إن مكناهم فـــي األرض أقــــامــــوا الصاة
َِ وآتوا الزكاة وأمروا باملعروف ونهوا عن املنكر ولله عاقبة األمــور» (الحج: ،)41 وتبعا لذلك سخر الله لإلنسان ما فـــي األرض مـــن مخلوقات وجمادات ليستخدمها أثناء مسيرته خليفة فيها في أكله وشــربــه، ولبسه، وحـرثـه وعـمـارتـه، وسلمه وحربه.. إنّ تمكن اإلنسان من إدراك حقيقة وجوده وتكيفه مع متطلبات تحقيق الغاية التي خلق ألجلها تجعله ينعم في حياته وستكون الدنيا له فيأخذ منها قدر حاجته، ويــعــمــل فــيــهــا حــســب طـــاقـــتـــه، وسيحترم مــن هــم مــعــه فــي هـــذه الــرحــلــة وال يتعدى عـلـيـهـم وبــهــذا سـيـكـف عـنـهـم لــســانــه ويده ولن يحتاج للسب والشتم والضرب والقتل والسرقة والنهب واالغتصاب والتطلع إلى ما لـدى غيره لعلمه أنـه ليس لـه، وسيكون ابن يومه لعلمه أن «ما مضى فات واملؤمل غيب وله الساعة التي هو فيها»، أما اآلخر الـذي سيكون للدنيا فستجده حاثا خطاه ومتجاوزا مداه وباذال وسعه ووسع غـيـره، ومتمنيا حـيـازة األموال كــلــهــا، ومــتــطــلــعــا ملـــا فـــي يد غيره ومعتديا على كل من قدر عليه وشاهرا لسانه ومــــادا يـــده وهـــو بهذاك «املــنــبــت الــــذي لــم يقطع األرض ولـــــم يـــبـــق على الظهر» وفي نهاية األمر لـــن يـــكـــون لـــه أكـــثـــر مما قـــدر لـــه، وفـــي املحصلة، فـالـجـمـيـع اسـتـكـمـل رزقه وأجـــلـــه وكـــــان كــمــا قــســم الـــلـــه لـــه شــقــيــا أو سعيدا.. والفرق أن األول أدرك أن الدنيا له ليستعملها فرضي واطمأن.. واآلخر ظن أنه للدنيا فاستعبدته وأتعسته.