«حاضن العود» يأسر بريشته املثقفني قبل البسطاء
حـني كـان الفنان اليمني الـراحـل فيصل علوي يحتضن العود، فإنه يوقد األمــل، فـي قلب عاشق ذاب بالسـقم، فـيـردد السامع: يا عـازف العود رفقا قد ســكرت به، فتنجلي ســكرات الوصــــل بالـــنــغم، تسلطن العود في يمناك فانســجمت، روائــع من جـميل اللــحن طي دمي. رسم علوي بأنامله املرهفة، الوجه الحقيقي للمطرب املبدع بــعــيــدا عــن الـتـكـلـف والــبــريــســتــيــج املــمــل، فــانــتــزع إعجاب متذوقي الطرب بشرائحهم املختلفة، في الجزيرة العربية، إن لــم يـكـن فــي الــوطــن الــعــربــي كــافــة، بـعـفـويـتـه وموهبته وقــدرتــه الـفـائـقـة عـلـى مــداعــبــة األوتـــــار، إضــافــة إلـــى انتقاء الكلمات البسيطة. ولــم يكتف بإبداعه إرضــاء ذائـقـة عشاق الفن الشعبي، بـل نال بما يقدمه من روائــع سهلة ثناء وإشــادات شخصيات كبيرة ممن يــعــدون مــن النخبة واملثقفني فــي اليمن والخليج العربي، متذوقي الطرب الحقيقي بعيدا عن االرتـهـان لألسماء، وكــان الرئيس السابق للنادي األهلي واملـشـرف على فــريــق كــرة الــقــدم األمــيــر محمد عـبـدالـلـه الفيصل، رحمه الله، من أبرز معجبي الفنان فيصل علوي، حني دعاه إلحياء احتفال الفريق امللكي بالحصول على الدوري والكأس في موسم ،1978 وكانت تلك الدعوة بمثابة إشادة كبيرة بالفنان الراحل من رجل عرف عنه األدب والثقافة، وكتابة األغنية الرائعة، كما أن تلك املناسبة كانت جواز سفر عبر به أبو باسل إلى قلوب الرياضيني في اململكة، خصوصا جماهير النادي األهلي آنذاك. ومن املثقفني الكبار الذين يستهويهم ما يقدمه علوي رئيس التحرير السابق ملجلة العربي الكويتية الدكتور محمد الرميحي الذي كان له ماحظات على العفوية التي يعيشها الفنان الراحل، إذ قال: «يتمتع فيصل علوي بإمكانات كبيرة والشيء الوحيد الـذي يفتقده هو وجود مدير أعمال ينظم شؤونه الفنية». وقــال عضو مجلس الـنـواب اليمني السابق الفنان الكبير محمد مرشد ناجي: عندما نستعرض تاريخ املنطقة بأسرها على املستوى االحترافي الفني نجد أنه ال مثيل لفيصل علوي على املستوى الوطني واإلقـلـيـمـي، ولــم ينل مثيله فــي الــوقــت الـحـاضـر مــن الشعبية كالتي حظي بها. اتفاق متذوقي الطرب الحقيقي بشرائحهم كافة، بسطاء ومثقفني عـلـى إبـــداع فيصل عــلــوي، يـؤكـد أن الفن ال يحتاج إال ملوهبة فقط، فلم يتسلح أبـو باسل لغزو قلوب معجبيه، إال بالعود فقط، لم يحظ بدعم أحد، سوى بإمكاناته.