عقوبة التصوير
مـن األدب واألخـــاق أن تقوم التنشئة االجتماعية على احـــتـــرام خـصـوصـيـة اآلخـــريـــن، وعــــدم انــتــهــاك حقوقهم كالتصوير بدون إذن الغير، وقد حذرت هيئة االتصاالت وتقنية املـعـلـومـات مــن املــســاس بـالـحـيـاة الـخـاصـة عبر إســاءة االستخدام للهواتف املتنقلة، مع إيضاح عقوبة تعرض مرتكبها للسجن والغرامة املالية التي تصل إلى نصف مليون ريال. ذكـرت الهيئة ذلـك عبر حسابها، ولكن العبارة املذكورة في اإلنفوغرافيك األكثر تداوال هي (التصوير في األماكن العامة)، وهناك فـرق بني التصوير الـعـادي الــذي يظهر فـيـه أشــخــاص بـمـظـهـرهـم الــعــام دون اسـتـهـدافـهـم وبني التصوير الشخصي أو الـعـام بغرض التوثيق ملخالفة ما، وكان من املفترض توضيح ذلك، لكن اإلشكالية أيضا فــي اســتــخــدام هــذا الـتـوثـيـق عـلـى طـريـقـة التشهير التي تدين صاحبها بـدال من تحقيقها ألهــداف النشر، وبني تقديمها للجهات املختصة الــتــي يـفـتـرض أن تتعامل معها بتشجيع واهـتـمـام، فضا على أن بعض املقاطع املوثقة ال تجد اهتماما من بعض الجهات حتى تتحول إلـــى فـضـيـحـة عـلــى هـيـئـة «قــضــيــة» بـعــد أن تـنـتـشـر بني الناس، ثم يأتي التحرك ملعالجتها بناء على ذلك. أحيانا يكون التصوير من أجل السخرية من اآلخر لهدف اإلضحاك وهذا مخالف للقيم األخاقية واإلنسانية، وفي غالب األحيان ال تنشر الصورة أو الفيديو القصة كاملة، فتكون في هذه الحالة معلومة مضللة تخدم اإلثارة التي يبحث عنها مـن يـروجـهـا، هــذا بالرغم مـن أن استخدام األجـــهـــزة الــذكــيــة تـــجـــاوز الــعــقــد مـــن الــــزمــــان، والحالة تفرض على املستخدم شيئا من املسؤولية، إال أن هناك من ينشغل بتصوير امليت وهـو يموت بـدال من إنقاذه، وأصبح املستخدم قليل املسؤولية يتفاعل ذاتيا مع أي حدث بتصويره بدال من التدخل في حل إشكاليته. مــن املــؤســف أن الـعـقـوبـات ليست الــحــل الـوحـيــد الرادع فـي كثير مـن األحــيــان، ونـحـن ننظر إلــى بعض شبابنا كيف يتعاملون مع واقعهم على سبيل الامباالة وعدم االكـتـراث خاصة في املمارسات املخالفة التي تعرضهم للعقوبة، لذلك ال بـد مـن التربية على تحمل املسؤولية واإلقـــنـــاع بـــدال مــن الــتــخــويــف، ألن الــنــضــج ال يــأتــي إال مـن الـوعـي بحجم املسؤولية، وهــذه مسؤولية التنشئة االجتماعية بجميع ميادينها ومضامينها.