Okaz

«احلمدين».. وتطهير قطر!

- جميل الذيابي jameel@okaz.com.sa ‪Twitter: @ jameelAlTh­eyabi‬

ما هو الهامش املتاح لقطر للخروج من األزمة الراهنة؟ لو تأمل القطريون جيدًا في ما تطلبه الــدول الداعية ملكافحة اإلرهـاب لوجدوا أن ليس هناك ما ينتقص من سيادتها، بقدر مــا يـحـافـظ عـلـى أمـنـهـا واســتــقـ­ـرارهــا ومصالحها ومكتسبات شعبها بعيدًا عن العنتريات والشعارات الفارغة التي ستعود عليها بـالـويـال­ت. العيب -كـل العيب- أن تتمسك بـاالرتـمـ­اء في أحضان الكذبة الطامعني، والحاقدين، واملنافقني، واإلرهابين­ي، وسفاكي الدماء. واملــطــل­ــوب مـنـهـا بـبـسـاطـة أن تـتـعـامـل بـشـفـافـي­ـة وصــدقــيـ­ـة مع األشــقــا­ء الخليجيني والــعــرب الــذيــن تــتــأذى بـلـدانـهـ­م مــن تلك الــســيــ­اســات الــقــطــ­ريــة «الـعـبـثـي­ـة اإلجـــرام­ـــيـــة» الــتــي قــامــت على الحقد والكراهية، وليس من حل إال التراجع الصادق عن تلك السلوكيات املرفوضة وتصفير املشكالت مع جيرانها وأشقائها واالعتذار عالنية. هــل يـعـقـل فــي أي بـلـد فــي الــعــالـ­ـم أن تــكــون تـعـلـيـمـ­ات القيادة العليا لـأجـهـزة الحكومية واألمـنـيـ­ة هــي احـتـضـان اإلرهاب، ودعـم املتطرفني، وإيــواء القتلة، وحماية من يمولون جماعات اإلرهــاب والتفجير والتفخيخ؟ هل تعتقد القيادة القطرية أن وفرة «البترودوال­رات» في خزانتها ستغير قناعات تلك الدول لغض الطرف عن صنائعها وخططها املؤذية التي تستهدفهم، حتى وإن استقوت بقاعدة العديد األمريكية أو غيرها من جند الترك؟. عـدم تغير السلوك القطري يعني استمرار التعنت والتمترس وراء العقلية «الـشـريـرة» املفضوحة، الـتـي لـم يعد لها وجود، طاملا الــدول املقاطعة لديها إثباتات وأدلــة على تلك املراهقات السياسية الـتـي تجنح إلــى الـفـوضـى والــخــرا­ب والـتـدمـي­ـر في الدول الشقيقة. حديث الرئيس األمريكي دونالد ترمب أخيرًا عن أنه لو تقرر ســحــب قـــاعـــد­ة الــعــديـ­ـد مـــن قــطــر فــــإن عـــشـــرا­ت الـــــدول سترحب باستضافتها. ولـو حـدث ذلـك فستعرف قطر أنها تخسر على رغم أنها تملك ما كانت تعتبره ورقة رابحة، ألن جميع املواثيق الدولية والقطرية تمنع دعم اإلرهاب وتمويله، وحماية املمولني له. وهو املسلك الـذي تـأذت منه السعودية، واإلمــارا­ت، والبحرين، ومصر، ودول أخرى، وباتت تعتبره تهديدًا الستقرارها وأمنها القومي. ومــن هنا جــاء قـــرار قطع الـعـالقـا­ت مــع قـطـر، ومــا صاحبه من إجــراءات تشمل إغالق املنافذ البرية، وإغـالق املجاالت الجوية للدول األربع بوجه الطيران القطري كحق سيادي. وقــد حـرصـت الـــدول األربــــع، والــــدول الخليجية الــثــالث بصفة خاصة، على التشديد على أن الشعب القطري ليس مستهدفًا، وأن ال شـيء لديها ضد القطريني، بل صـدرت قــرارات سعودية وإمــاراتـ­ـيــة وبـحـريـنـ­يـة عـلـى أعــلــى املــســتـ­ـويــات فــي شـــأن األسر املشتركة. وال بد أن يعرف الشعب القطري الشقيق أن سياسات قـيـادتـه وحـكـومـة بـــالده املــهــدد­ة لـالسـتـقـ­رار هــي الـسـبـب؛ وأنه ليس مقبوال بتاتًا حمالت التشويه، وتزييف التاريخ، وإطالق اإلعــالم املقيت الباحث عن صنبور «الــبــتــ­رودوالر». فجميعهم سينهارون، ويعلنون إفالسهم، ألن الحقائق تهزم األباطيل، ولن يحقق املبتزون أية نتيجة طاملا كانوا مرتزقة أوباش يلهثون وراء املال، وتتحول خبراتهم من طالب وظائف ومستشارين إلى ألسن قذرة، وأقالم أشد قذارة. لــقــد فــشــل اإلعـــــا­لم الــقــطــ­ري ومــســألـ­ـة «الـــتـــد­ويـــل» لـــأزمـــ­ة على املستوى الدبلوماسي، ألن املقاطعني لقطر شددوا على الحل في إطار البيت الخليجي، مع االحتفاظ بإجراءاتهم السيادية وفق القوانني الدولية. وقـــــد رفـــــض مــجــلــس األمــــــ­ن الـــتـــا­بـــع لـــأمـــم املـــتـــ­حـــدة التدخل. وفشلت وسـاطـات كـل املوفدين األجـانـب، وفـي مقدمهم رؤساء الدبلوماسي­ة األمريكي ريكس تيلرسون، والفرنسي جان إيف لـــودريــ­ـان، والـبـريـط­ـانـي بــوريــس جــونــســ­ون، ألن الــــدول األربع تمسكت بأنها لن تقبل بديال من وساطة أمير الكويت الشيخ صباح األحمد، وبأنها لن ترتضي حال غير االحتكام إلى اتفاق الرياض ومالحقه التكميلية وآلياته التي وقع عليها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إضافة إلى املبادئ الستة. وفــي الحكمة الشعبية يقال إن الـرجـل يؤخذ بلسانه، بكلمته وعــــهـــ­ـده ومـــوثـــ­قـــه. لـــذلـــك لــــم تــكــن ثــمــة مــــغــــ­االة فــــي مــــا يعرف بـ«املطالب والشروط» التي لم تعد مطروحة على الطاولة بعد الــرد القطري الـرافـض. وليست هناك مغاالة في املبادئ الستة التي تضمنها بيان الدول األربع في القاهرة عقب الرد القطري الشكلي السلبي. في سجل القيادة القطرية ذات الرؤوس الثالثة: هناك أمير معلن، لكن السياسة والصفقات تحت سلطة «الحمدين»، يمارسانها من وراء ستار. لكنهما ال يعرفان أنها لعبة غدت مكشوفة للعالم أجمع، وليس للجيران الخليجيني فقط. اليوم نتفرج على عربات الجنود األتراك، وصور أردوغان. وغدًا ربما تعلق صور علي خامنئي على لوحات اإلعالنات في تقاطعات شوارع الدوحة. وسيذكر التاريخ في الوقت نفسه أن الشقيق الحقيقي الذي ساند وأعان هو السعودية. فقد وقف امللك الراحل فهد بن عبدالعزيز لتحرير الكويت. ووقف امللك الراحل عـبـدالـلـ­ه بــن عـبـدالـعـ­زيـز لـوقـف الـتـمـرد اإليــرانـ­ـي فــي البحرين. وتصدى امللك سلمان بن عبدالعزيز بكل حزم العتداءات أذناب إيـران الحوثيني في اليمن، ولو دارت الدوائر على قطر ستجد أول من يقف دفاعًا عنها هي السعودية ودول الخليج العربية!. ألم يسأل القطريون (القيادة والشعب) أنفسهم ملاذا هذه الهرولة اإليرانية، والركض التركي صـوب بالدهم؟ هل سيغدق أولئك العطايا على قطر من أجل سواد عيون قادة قطر؟ أم أن الحضور واإلطاللة على الخليج هو الهدف؟. األكيد أن القيادة القطرية ذات الرؤوس الثالثة تتردى، وتسقط مـــن مـسـتـنـقـ­ع إلــــى آخـــــر، وانــفــضـ­ـحــت تــنــاقــ­ضــاتــهــ­ا ومواقفها السيئة... وقد حان الوقت لـ«تطهير قطر» من الكذبة والحاقدين واإلرهابين­ي حتى تكون ثمة بيئة قادرة على التفاعل اإليجابي مع متطلبات األخوة وحسن الجوار، والتزام املواثيق والعهود، وتلبية مطالب محقة ال لبس فيها في ظل الحرائق املشتعلة

في أرجاء املنطقة.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia