جميعنا منوت يوميا
اإلدمان... هذه املفردة تتسع في مجتمعنا، وكل يوم تجتذب أطيافا اجتماعية مختلفة األعمار والثقافات. وألن هــذه املــفــردة سيئة السمعة كوننا ال نستخدمها إال إشارة لتعاطي املخدرات، ال نستخدمها إال في هذا الطريق الضيق، بينما التعريف لإلدمان هو التعود ويرتبط بالحالة النفسية ويؤثر على السلوك اإلنساني ويجعله أسير ذلك التعود سواء كان األمر متعلقا بتعاطي املخدرات أو الكحول أو التدخني أو شرب القهوة والشاي، أي أنه سلوك يبحث عن اإلشباع واالسترخاء العقلي إال أن الخشية من كل أنواع اإلدمان املؤدية إلى الوفاة.. ويصبنا هـذا الهاجس كلما كـان املـدمـن لـه عالقة بتعاطي املواد املخدرة، بينما هناك عشرات أنواع اإلدمان ال نلقي لها باال في حني أنها تمثل خطرا على الفرد والجماعة. ويـمـثـل إدمــــان الــدخــول إلـــى مــواقــع الــتــواصــل االجـتـمـاعـي إحدى املعضالت واملعطالت االجتماعية، فمعظمنا يتحدث بأن األسرة غدت منفصلة، ليس وفق املفهوم القديم عن تفكك األســرة، وإنما املفهوم الحديث النقطاع األســرة أن يكونوا مع بعضهم البعض وكل فرد منهم في عامله االفتراضي.. ولـم يعد الفرد منا إال منشغال بهذا التواصل ســواء داخــل العمل أو خارجه، في البيت أو خارجه، ووصـل األمـر أن البعض ال ينام من شدة تعلقه بهذا التواصل، وأعرف أشخاصا يعانون من حالة الــتــعــود عـلـى الـــدخـــول إلـــى مــواقــع الــتــواصــل االجــتــمــاعــي لدرجة أن الــفــرد منهم أصـبـح نـومـه متقطعا (يــنــام لساعة أو ساعتني)، وينهض من أجل مشاهدة من راسله أو من عقب على تغريدته أو البوست الخاص به... نــحــن نــعــانــي مــن مـــرض نـفـسـي اجــتــمــاعــي جــمــاعــي، ومـــع ذلـــك ال تداهمنا خشية آثار هذا اإلدمـان كما نتحدث عن إدمان املخدرات مثال.. ربـمـا يـقـال إن هــذا اإلدمـــان هــو إدمـــان عــاملــي، واخـتـطـاف اإلنسان من قبل التقنية، وأن الزمن القادم هو العالقة القائمة بني الجهاز والــفــرد نفسه، وهــذا الـقـول صـائـب إال أن ثمة فــروقــات بـني املنتج لهذه التقنية وبني املستهلكني لها، ففي البلدان املنتجة ثم دراسات وإجـــراءت بحثية ونفسية وطبية تتابع الـفـرد وتحمى املجتمع من اإلدمـان على هذه التقنية، بينما الـدول املستهلكة للتقنية كل األخــطــار واملــضــار تسعى بـني أفــرادهــا مـن غير أدنــى اهـتـمـام بما يحدث؛ لذلك يكون اإلدمــان في مجتمعنا (على سبيل املثال) هو إدمــان يـؤدي إلى وفـاة املجتمع ووفــاة العالقات بني األفــراد ما لم يتم ظهور وسائل تخفف من هذا املوت االجتماعي. هذا القول خاص فقط بالوقت ونوعية التواصل، بينما لم نتحدث (في هذا املقال) عن آثار القول الذي يكتب في هذه املواقع..