شيطنة غازي وسعود وتركي وجميل والراشد !
هــدم الشخصية فـي وجــدان العامة واحــد مـن األسـالـيـب املـروعـة التي استخدمها الـنـازيـون ضـد أعدائهم قبل دفــع الجماهير لقتلهم أو القبول بتصفيتهم، كانت الدعاية تفرض بشكل ممنهج تدفع املتلقي لاستسام والرضى التام بالرسائل املتلقاة وتطبيقها دون وعي. منذ نشوء حركة اإلخــوان املسلمني في مصر، وهـي تستخدم نفس أساليب الدعاية النازية في إزاحة الخصوم واملعارضني وقتلهم وتصفيتهم إن لزم األمر، كما فعلوا مع السادات وفرج فودة. وجــد فــرع الـجـمـاعـة فــي الـسـعـوديـة أن االسـتـيـاء عـلـى الــشــارع الـسـعـودي يتطلب هــدم وتشويه الخصوم، بل وحتى املحتملني منهم، هذه األساليب عادة ما تتاعب بمشاعر التدين أو الرجولة لدى البسطاء، وتغذي الخوف من التغيير. لتحقيق ذلــك اتـهـم الكثير مـن رجـــاالت الــدولــة واإلعـــام والـثـقـافـة، بالكفر واإللــحــاد والعلمانية والشيوعية والـلـيـبـرالـيـة، لكن ذلــك لـم يكن ليسع الجميع، فتم استثناء مــن يقف معهم ويقبل منهجهم، وهو ما نراه اليوم في الدوحة التي احتضنت اإلسرائيلي شيمون بيريز، وفي شوارعها الكنائس واملاهي الليلية والقواعد الغربية. كـان الطريق للحكم وصناعة االحتجاجات، في بلد كالسعودية، يقف أمامه الكثير من حلقات الصد املحيطة بالدولة واملؤمنة بها، خـطـوات إذا وجهت ضـد أي نظام حاكم فهي أول أدوات إسقاطه. فــي الـسـعـوديـة وهــي الـجـائـزة الـكـبـرى، اسـتـطـاع الـحـركـيـون واإلخــــوان والــســروريــون باستخدام الصحوة بداية الثمانينات امليادية وخال سنوات مجدها حتى ،2001 أن يسيطروا على وجدان الناس با منازع بل تحولوا إلى أصنام يصعب اإلشارة إليهم أو نقدهم. لعل أكبر فظائعهم كـان استخدامهم للمنابر الدينية وتعيني أنفسهم وكــاء عـن الله يكفرون ويـفـسـقـون مــن يــريــدون بــا وازع وال خـــوف، لـقـد قــدمــوا أنفسهم كـفـتـوات فــي الــشــارع السياسي واالجتماعي السعودي، الذي لم يتعود على وجود كتلة مهيمنة وقادرة على تحريكه وتوجيهه في تحقيق مصالحها. ثانيها إيهام السلطة بقدرتهم على تحريك الشارع من ناحية، والقيام بأعمال عنيفة لو لزم األمر البتزازها، وهو ما حدث مع جهيمان على سبيل املثال، واألعمال القتالية للقاعدة في .2003 األمر اآلخر شيطنة وتشويه املنافسني والخصوم والقضاء على حضورهم االجتماعي والوظيفي بــالــوشــايــات والـتـحـريـض والـطـعـن املـسـتـمـر واملـمـنـهـج فــي ديـنـهـم وتـسـفـيـه خـطـابـهـم وأفكارهم وأعمالهم وحتى في تعليمهم الغربي لو وجد. لعل أخطر عمل قاموا به على خساسته، هو محاولتهم الطعن وتدمير املؤسسة الدينية التقليدية، ومن منا ال يتذكر التعريض بالشيوخ الكبار«بن باز وبن عثيمني»، ووضعهما في خانة علماء الحائض والنفساء – ذلك ما كان يقوله من ترونهم يتسيدون املشهد اآلن -، ألنهما لم ينخرطا في مشاريع الحركيني االنقابية، وألنهما اصطفا مع املصالح العليا لألمة السعودية، ووصفهما للخارجني عليها بمحدثي الفنت. فــي فــتــرة الـثـمـانـيـنـات كـــان أبـــرز خــصــوم اإلخـــــوان والــحــركــيــني، هــم الـــــوزراء الـتـكـنـوقـراط الذين اعتمدت عليهم الـدولـة لتنفيذ مشاريع التنمية، فهاجموا وشـوهـوا بـل كـفـروا بـا مبرر غازي القصيبي ومحمد الطويل ومحمد عبده يماني وعلي الشاعر وغيرهم كثر من الوزراء واإلداريني املحترمني. لعل الـوزيـر والشاعر واإلنـسـان غــازي القصيبي كـان صاحب الحظ األوفــر ألنـه تصدى لهم ولم ينسحب من املشهد كغيره نظرا لشخصيته املقاتلة، فأصدر الكثير من اآلراء واملقاالت واملؤلفات من أبرزها كتابه الشهير حتى ال تكون فتنة. اليوم تتكرر نفس الخيانات مع نفس الخصوم، فنظرا للتشابك بني جماعة اإلخــوان وتنظيم الدوحة في األفكار واألهـداف، تدير الدوحة خافها مع الدول األربع املناهضة لإلرهاب، خاصة اململكة، بنفس عقلية البنا، ومزجها بخطاب عزمي بشارة الصهيوني. وجدت الدوحة أن كل ما بذلته من أمـوال ومخططات ملحاولة احتال للشارع السعودي انهارت بشكل مــدو فــي شـهـريـن فـقـط، وفـوجـئـت بـاالنـحـيـاز الـكـامـل للسعوديني مــع وطـنـهـم بــل وتولي مسؤولية التصدي للمشروع «القطرإيراني». عــادت الــدوحــة مسرعة لنفس أدوات تشويه الـخـصـوم، وهــو أمــر تفعله بشكل مستمر مـع قناة العربية وتركي الدخيل، الذي لم يسقط أبدا بل مضى في طريقه الوطني، وبقيت العربية كالعهد بها جيشا أدواته الكاميرا وامليكرفون فقط. اليوم تكرره مع شخصيات بــرزت بشكل وطني كثيف، من أبـرزهـا رجـل الـدولـة الصلب سعود القحطاني، الذي استطاع أن يساهم من خال مجهوده اإلعامي في بناء خطاب شعبي موحد، تصدى لغارات الكذب والتزوير القطرية. سعود الــذي فاجأ القطريني بهذا املـوقـف، لـم يعبر عـن نفسه فقط، بـل خلق تـيـارا عميقا داخل السعوديني البسطاء بامتداد الوطن كله، الذين خاطبهم بنفس كلمتهم وبنفس مشاعرهم، ولم يتعال عليهم، ومستجيبا لحماستهم، وفــي نـظـري أنــه «خـلـف بـن هـــذال» هــذه «الــحــرب» ولكن بأدوات هذا العصر. وفي اإلطـار نفسه قاموا بتزوير املقاطع وإنتاج الفيديوهات ضد وطنيني آخرين منهم «جميل الذيابي» رئيس تحرير هذه املطبوعة التي تحولت إلى مدماك هد جدران الكذب والتزوير القطرية، الذيابي حول صحيفته الورقية إلى شاشة ناطقة، وأعاد هيبة املانشيت الذي تحول لسوط يلهب ظهر سياسة مستوطنات عزمي كل صباح. عبد الرحمن الراشد أيضا استطاع بثاث مقاالت ضمن مقاالته الذهبية أن يهز عرش الدوحة املتهاوي، كلمات الراشد الهادئة دخلت إلى قصر الوجبة كسم زعاف، اضطر معه ياسر أبو هالة رئيس الجزيرة، وهو غير قطري باملناسبة، الرد نيابة عن كفائه منزلقا لألعراض، وهي عادتهم التي ال ينفكون عنها.