هل اعتدى عليك من ادعى عليك؟
يـشـهـد الـــواقـــع االفــتــراضــي حــراكــا ثـقـافـيـا ال يخلو مـن االخـتـاف الــذي تحركه نزعة الجهل والتحامل وغـــريـــزة االنـــتـــقـــام أحـــيـــانـــا، ومــــع إقــــــرار الــكــثــيــر من األنــظــمــة الــتــي تـحـمـي حــقــوق الــفــرد وخــاصــة نظام الــجــرائــم املــعــلــومــاتــيــة، رأيــنــا مــن يــهــدد ويستقوي ويـتـوعـد بـمـقـاضـاة اآلخـــر، حينها نـــدرك كــم أصبح اختافنا اختافا سلبيا، حتى أن العقوبات ال تحقق أهدافها في تحسني سلوك الفرد طاملا أنها تستخدم للتخويف والقمع أكثر منها وسيلة لضبط السلوك. تأخذ اإلشكالية االجتماعية وجهني في هـذا األمر، فمن جهة نجد صعوبة في تقبل الفرد الذي لم ينشأ على ثقافة الحقوق واحترام اآلخر، ومن جهة أخرى فإن البعض من الناس ال يقر بالخطأ وال يعتذر عنه، بل يتصلب في موقفه لشعوره باالنتقاص من قيمة ذاتـــه إن فــعــل، وبـالـتـالـي يـظـن بــأن مــن ادعـــى عليه.. اعـتـدى عليه فـي الـوقـت نفسه، وهـو املـوقـف السلبي الـــذي يـــؤزم معالجة املـشـكـات ويـعـقـد الـطـريـقـة إلى حلها، فيطغى االعتداد بالنفس في ردة الفعل على إدراك الخطأ واالعتذار عنه. إذا كنا نطلب التسامح من أحد األطراف، فإن االعتراف بالخطأ يعد مطلبا حضاريا من الطرف اآلخر، وإذا كان أحدنا يضمن موقفه من كسب قضية ما فيجب أن يــأتــي ذلـــك عــلــى سـبـيـل تـصـحـيـح الــخــطــأ لآلخر وتقويم سلوكه وليس على سبيل االنتقام منه، ألن ذلك يسهم في تقبل اآلخر للعقوبة التي وقعت عليه وتعكس مدى استعداده ملعالجة أخطائه. وضعت األنظمة لتنظيم التعامات ولتخلق ثقافة الوعي الحقوقي بني الناس التي تجعل الفرد يعرف حــدوده فـي حـق نفسه وفــي حقوق اآلخــريــن، فـا بد من أن نتعامل معها وبها بما يحقق تلك األهداف ال التناقض معها، وسنضع في تصورنا أن من يتعامل بالنظام قد وصل إلى مرحلة جيدة من الوعي، لكن مسؤوليته تـأتـي فــي املساهمة بترسيخها كثقافة يصورها بتعامله أمام اآلخرين.