Okaz

مأساة فلسطني: موقف أمريكا ترمب..!

-

مـــا زال الــشــعــ­ب الـفـلـسـط­ـيـنـي يــتــطــل­ــع نحو األطراف النزيهة في املجتمع الدولي، راجيا منها تحمل مسؤولية إنصافه من هذا الظلم الصهيوني القاهر، وتمكينه، بعد هذه العقود من التشرد واملــعــا­نــاة، مــن الــحــصــ­ول عـلـى الــحــد األدنــــى مــن حقوقه املشروعة فـي أرضــه، والــذى يتمثل - بصفة رئيسة - في أحد وضعني: إما «حل الدولتني»، وقيام دولة فلسطينية مستقلة بعاصمتها القدس الشرقية على كامل األراضي الــتــي احـتـلـتـه­ـا إســرائــي­ــل عـــام ،م1967 وإمـــا إقــامــة دولة ديمقراطية واحــــدة... يعيش فيها الشعبان اإلسرائيلي والفلسطيني كمواطنني متساوي الحقوق والواجبات. أمــا الحلول «الترقيعية» فلن تكون حـلـوال. وال يجب أن تشكل املستوطنات اإلسرائيلي­ة عقبة مقصودة، ألن هذه املستوطنات غير مشروعة أصال. وتـظـل األنــظــا­ر متجهة إلــى أمريكا ودول الـغـرب املتنفذ األخرى، التي لديها مفاتيح حل هذه املأساة... والتي ربما تدرك اآلن أن إسراعها في وضع حل ينهي هذه املأساة لن يكون العتبارات إنسانية وخيرية وحسب، بل ولإلسهام فـي استتباب األمــن والسلم اإلقليميني والـدولـيـ­ني، وبما يصب في نهاية األمر في مصلحة الغرب، وكل العالم. وكما هـو مـعـروف، فــإن أمريكا تلعب الــدور الرئيس في هــذه القضية/ املـــأســ­ـاة... بسبب كـونـهـا الــدولــة العظمى األولــى حاليا، والـداعـم األكبر للكيان الصهيوني. بل إن العالقة األمريكية – اإلسرائيلي­ة تجاوزت الدعم والتأييد إلى التحالف الفعلي الوثيق. وهذا الدعم األمريكي املطلق واألعـــمـ­ــى وضـــع إســرائــي­ــل فـــوق كـــل الــقــوان­ــني واألعـــــ­راف الدولية، وأطلق يـدهـا... لتعمل ما تشاء، دون حسيب أو رقيب يحاسبها، ويعاقبها.

*** ومعروف أن الرؤساء األمريكيني السابقني، بدء ا من ويليام كلينتون، ثم جـورج بوش االبـن، فأوباما، كانوا يعلنون أنـهـم مـع حـل الـدولـتـن­ي، وادعـــوا أنـهـم عـمـدوا حكوماتهم بالعمل على إنفاذ هذا الحل. ولكن هذا كان مجرد ادعاء. اذ لم يبذل أي رئيس أمريكي، حتى اآلن، جهدا جادا لحل هــذا الــصــراع حــال عـــادال، أو شـبـه عـــادل، ولــم يــمــارس أي منهم ضغوطا حقيقية على إسرائيل للقبول بهذا الحل، املطلوب فلسطينيا وعربيا وإسالميا وعامليا. أما الرئيس «دونالد ترمب»، والذى اتضح أنه داعم بشدة للصهيونية، فيبدو أنه على استعداد للخروج على هذا الحل. ويتجلى ذلك في تصريحه الذى قال فيه: «أنظر إلى حل الدولتني، وحل الدولة الـواحـدة. وأميل إلى ما يميل إلـيـه الـطـرفـان. أنــا سعيد للغاية بالحل الــذى يميل إليه الطرفان». كما يتجلى في تعيني صهره اليهودي كوشنر، مستشارا رئيسا للسياسة األمريكية تجاه فلسطني. وقد ملح ترمب، بالفعل، إلى «حلول» أخرى (تفضلها إسرائيل بالطبع) سنتطرق ألحدها أدناه. ومـــعـــر­وف أن تــرمــب انــتــقــ­د عـــدم اســتــخــ­دام أوبـــامــ­ـا لحق النقض (الفيتو) ضد قرار مجلس األمن بإدانة االستيطان اإلسرائيلي، وأكد عدم إصراره على حل الدولتني، إرضاء إلسرائيل، ودعما لها. وبعد ذلك، تراجع قليال عن موقفه هذا. ومن مؤشرات ذلك: تريث ترمب في تنفيذ وعده بنقل الـسـفـارة األمـريـكـ­يـة مــن تــل أبـيـب إلــى الــقــدس، وانفتاحه الــحــذر عـلـى الفلسطينين­ي. إضــافــة إلـــى طـلـب تــرمــب من رئيس الـوزراء اإلسرائيلي نتنياهو «أن يكبح قليال بناء املـسـتـوط­ـنـات». وهـــذا الـطـلـب فـاجـأ األخــيــر أثــنــاء زيارته لواشنطن (في فبراير .)2017 أضف إلى ذلـك، قيام ترمب (يـوم ‪/3 /10‬ )م2017 بعمل أول اتصال هاتفي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ودعوته لزيارة البيت األبيض. ورحب الجانب الفلسطيني كثيرا بهذه املبادرة. وقام عباس بالفعل بزيارة واشنطن واللقاء بترمب يــوم ‪/5 /3‬ .م2017 وقــد تمسك الجانب الفلسطيني بعملية الــســالم، وحــل الـدولـتـن­ي على حدود ،م1967 استنادا إلـى مـبـادرة السالم العربية، والقرارات األممية ذات الصلة. وأكــد رفـضـه للهجمة االستيطاني­ة اإلسرائيلي­ة في األراضي الفلسطينية املحتلة، ورفض كل ما قد يترتب على هذا االستيطان.

*** وكل ذلك ما زال يشير إلى تحول طفيف في سياسة ترمب نحو هــذه القضية، ورغـبـة فـي وضــع نهاية لـهـا. وحتى اآلن، يـصـعـب الــجــزم بـــأن تــرمــب سـيـتـدخـل فــي العملية الــســيــ­اســيــة الــخــاصـ­ـة بــتــســو­يــة هــــذا الـــصـــر­اع بــشــيء من الحيادية واملوضوعية. ويخشى أن يحاول ترمب فرض حل... غير حل الدولتني، وغير حل الدولة الواحدة، ويميل إلى ما تريده إسرائيل من حلول غير مقبولة، ومنها ما يعرف بخطة الجنرال اإلسرائيلي «جيورا إيالند»، التي يقترح فيها توطني الفلسطينين­ي في شمال سيناء، عبر توسيع مساحة غزة، باالستقطاع من األراضـي املصرية، مــقــابــ­ل حـــصـــول مــصــر عــلــى أراض بــديــلــ­ة فـــي صحراء النقب التي تسيطر إسرائيل عليها. لتصبح مساحة غزة حوالى 0002كــم2، تقام عليها دولـة فلسطينية منزوعة الــســالح، وتـبـقـى املـــدن الفلسطينية فــي الـضـفـة الغربية تحت إدارة ذاتية فلسطينية، مقابل تنازل الفلسطينين­ي عن مطالبهم بدولة مستقلة على حدود !؟...م67 ال أعتقد أن الـفـلـسـط­ـيـنـيـني، قـــيـــاد­ة وشــعــبــ­ا، يــقــبــل­ــون بــهــذا الحل اإلسرائيلي، أو أي حل مشابه، ال يحقق لهم الحصول على الحد األدنى من حقوقهم املشروعة.. حتى لو حاول ترمب تسويقه. وال أظن أن األمة العربية تقبل بـ«حل» ال يكبح جماح إسرائيل، ويوقف حلمها الصهيوني املسعور.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia