تسويق البحر األحمر

هناك جزيرة ذات طبيعة ساحرة اسمها «بورتوريكو» تقع شمال شرق البحر الكاريبي. يحكمها شــاب اسـمـه ريــكــاردو روزيــلــو الـــذي أعلن إفالسها مطلع الـعـام، وطلب مـن الــواليــات املتحدة إعادة هيكلة ديونها البالغة ٠٧ مليار دوالر. فمنذ عشر سنوات وجزيرة بورتوريكو تعاني من الركود االقتصادي ويعيش نصف السكان تقريبا تحت خط الفقر. وقد صوت سكان الجزيرة مطالبني باالنضمام للواليات املتحدة. عني شخصيا لم أسمع عن وجود هذه الجزيرة قبل شهرين، حني تابعت ألول مرة فيديو كليب -Despa ito الذي وصل عدد مشاهديه حول العالم ٣ مليارات مشاهدة عبر اليوتيوب. وجاء في كلماته: «هذه هي الطريقة التي نقوم بها في بورتوريكو». يقال إن هذه الجملة الساحرة نشطت السياحة في الــجــزيــرة، وتـضـاعـف عــدد الـسـيـاح بسبب املناطق الرائعة التي صوروا فيها الفيديو كليب. هذه خطة سريعة الستغالل قوة اإلنترنت ومواقع التواصل االجتماعي إلنجاح مشروع البحر األحمر. إلى جانب إنشاء جملة تسويقية رنانة ترافق اسم املشروع مثلما تفعل املاركات العاملية واملدن الكبرى التي تسوق نفسها للسياح، فاملدن اليوم تتعلم أن تفكر مثل العالمات التجارية، وتستخدم التسويق الرقمي عبر إنشاء حسابات وصفحات على تويتر وفـيـس بــوك ورفــع الجملة الـداللـيـة ذات الصلة في محركات البحث مثل قوقل. هذا أسلوب رائع لتسويق مشروع البحر األحمر مع الحذر من وضع أهداف مفرطة ومبالغ فيها أو غير عملية. لقد عاصرنا جميعا حمالت واعدة ملشاريع سعودية ومع ذلك لم نر العديد من هذه الوعود. نعم على املدن أن تتطلع ألهداف سامية، ولكن بعيدا عن الخطابة والحماسة غير املتعقلة. ألن املدن تفقد زخمها حني تفشل فـي تحقيق جميع مـا يـعـدون بـه فـي غضون املدة الزمنية التي يضعونها. وبدال من ذلك عليها أن تـشـجـع الــتــحــول فــي ســلــوك مـواطـنـيـهـا وتغيير نظرة الـنـاس عـن سكان هـذه املدينة ممن يعيشون فيها ويعملون، وإقناع شركات عاملية لنقل مقراتها وخدماتها إلى موقع جديد داخل مدينتهم. لــقــد القـــى إعــــالن مـــشـــروع الــبــحــر األحـــمـــر ترحيبا كبيرا من السعوديني بكافة شرائحهم، واستبشروا بالعهد الجديد، فالناس سئموا من الـوعـود، وهم مــتــحــمــســون لــبــرامــج حـقـيـقـيـة مـــن شــأنــهــا إشــــراك املجتمع فيها.