Okaz

السنة التحضيرية وجامعة الباحة

-

قبل خمسة وأربعني عاما تفرقت بنا السبل بعد أن تخرجنا في مدارسنا الثانوية، ذهب أكثرنا إلى جامعة امللك عبدالعزيز فـي جــدة والتحق بعضنا بكليتي الشريعة والتربية بمكة املكرمة، كان على من توجهوا إلى جامعة امللك عبدالعزيز أن ينخرطوا في دراسة سنة تمهيدية قبل أن يختاروا التخصص الذي يودون االلتحاق به كما كان بإمكان من التحقوا بكليتي الشريعة والتربية أن يختاروا تخصصهم عند تسجيلهم في إحدى الكليتني فيتوجهوا مباشرة إلى أحد أقسام الكليتني فليست هناك سنة تحضيرية. كان لكل من الكيانني العلميني في جدة ومكة املكرمة رؤيته العلمية ومنهجه وتقديره ألهمية السنة التحضيرية أو عدم الحاجة إليها، غير أن أيا منهما لم يقر شيئا ثم يلغيه تحت ذريعة ارتفاع التكلفة أو بحجة عدم الفائدة، كما أن جامعة امللك عبدالعزيز لم تسند التعليم في تلك السنة التحضيرية إلــى شـركـة خـاصـة بــل اعتبرتها جـــزءا ال يـتـجـزأ مــن الدرس الجامعي الــذي تنحصر مسؤوليته في الجامعة وكوادرها التعليمية مباشرة وليس عمال فائضا تتواله شركات وسيطة مثلما تتولى شركات عمليات الردم لطريق تنوي وزارة النقل تعبيده. تذكرت تلك األيام وأن أقرأ ما نشرته «عكاظ» عن قرار جامعة الــبــاحـ­ـة إلــغــاء الـسـنـة الـتـحـضـي­ـريـة ألســبــاب تـتـصـل بضعف مخرجات تلك السنة وعدم جدواها وارتفاع تكلفتها، وأشار التقرير إلى أن الجامعة كانت قد تعاقدت مع إحدى الشركات الخاصة لتنفيذ هذه السنة. ولست أظـن أن العملية العلمية يمكن لها أن تــدار على هذا الـنـحـو فـتـقـر بــرامــج وتـلـغـى بــرامــج وتــحــدد الــجــدوى وعدم الجدوى وضعف املخرجات وقوة املخرجات بناء على نتائج شركة خاصة أسندت إليها مهمة علمية تقع في صلب العمل األكاديمي. قرار جامعة الباحة يطرح عددا من األسئلة كان على الجامعة أن تجيب عليها يتصل أولها بأسباب ضعف املخرجات وهل تـعـود للطلبة أنفسهم أم ألداء الـشـركـة املـنـفـذة لـهـذه السنة، فــإن كــان الـضـعـف يتصل بالطلبة فكيف تطمئن الجامعة بعد ذلك إلى مخرجاتها إذا كان طالبها بهذا الضعف الذي كشفت عنه السنة التحضيرية، كما يطرح تساؤال آخر يتمثل في إقرار جامعة الباحة، وهي جامعة حديثة النشأة، للسنة التحضيرية للسنة التمهيدية ثم الحديث بعد سنوات قليلة عــن عـــدم جــدواهــا وكـــان حــريــا بـهـا أن تستفيد مــن تجارب جامعات سبقتها ســواء كانت تلك الجامعات تعتمد السنة التمهيدية أو ال تعتمدها، أما الحديث عن ارتفاع التكلفة فمن املؤكد أن القيمة العلمية ألي برنامج علمي تعتمده الجامعات ال تقاس بمدى تكلفته بل بمدى أهميته في التأسيس العلمي ملنسوبي الجامعة.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia