تخصصات تربوية مبؤهالت عليا.. من األهمية إلى اإلهمال!
فـي كـل مــرة تطرح وزارة التعليم عـــــن طــــريــــق «جـــــــــــــدارة» وظائف تعليمية أو إداريــــة يفاجأ حملة املــــؤهــــات الــعــلــيــا بتخصصات تـربـويـة بـاسـتـبـعـادهـم مــن فرص املنافسة على الـوظـائـف املعلنة!، وقــــد يــعــود ذلــــك إلــــى مؤهاتهم الـعـلـيـا، وهـــذا بــخــاف مــا يحدث فـــي الـــــــدول الـــتـــي تــفــوقــت علينا فــي مــجــال الـتـعـلـيـم؛ فـفـي فنلندا واليابان على سبيل املثال تعتبر درجــــة املــاجــســتــيــر أحـــد الشروط النـتـقـاء املتقدمن ملهنة التعليم وال سيما ملعلمي املرحلة الثانوية؛ ولكن ما يحدث لدينا على العكس تماما، إذ تعتبر درجة املاجستير هي السبب الستبعاد املتقدم من املــنــافــســة! ولـلـتـذكـيـر فـــإن فنلندا والـيـابـان تحتان مـراكـز متقدمة كأفضل نظام تعليم في العالم. إن اســتــبــعــاد أصــحــاب املؤهات عــلــيــا بــتــخــصــصــات تــربــويــة من التعليم (العام والعالي) ال يخدم أهــــداف «رؤيــــة »2030 الــتــي أتت بــنــظــرة شــامــلــة لــقــطــاع التعليم وتـــطـــويـــر املــنــظــومــة التعليمية بـــكـــافـــة مـــكـــونـــاتـــهـــا، فـــقـــد نصت الـرؤيـة على التركيز على تأهيل املــعــلــمــن والـــقـــيـــادات التربوية؛ وفـــتـــح املـــجـــال لـــقـــيـــادات تربوية جديدة طموحة تسهم في تحقيق أهداف الرؤية من الكوادر التربوية بمؤهات عليا، وتوطن الوظائف األكاديمية في الجامعات وتنظر الرؤية إلى العنصر البشري بأنه أثمن ما يملكه الوطن. ولـــهـــذا فــــإن االســـتـــفـــادة مـــن هذه الــــكــــفــــاءات واســـتـــثـــمـــارهـــا يوفر الكثير من الوقت والجهد واملال، ولــكــن مــا يــحــدث أنـــه رغـــم أهمية هذه التخصصات واملؤهات في مــجــال التعليم (الــعــام والعالي) إال أنــــهــــا تــنــتــهــي إلــــــى اإلهمال بحجة أنـهـا تخصصات تربوية ونظرية؛ باألمس القريب والبعيد أوصــدت الجامعات أبوابها أمام أصـحـاب هــذه املــؤهــات ثـم يأتي التبرير لذلك بــأن أغلب أصحاب املــــؤهــــات الــعــلــيــا بتخصصات تـــربـــويـــة ونـــظـــريـــة! وفـــــي الوقت نـفـسـه، تـعـتـزم الــــــوزارة االبتعاث الخارجي ملنسوبيها بتخصيص مــا يــقــارب 200 مقعد للحصول على درجة املاجستير والدكتوراه فــي تخصصات تـربـويـة، وأيضا اســــتــــمــــرار الـــتـــعـــاقـــد مــــع أعضاء هيئة تــدريــس مــن خـــارج اململكة بـتـخـصـصـات تــربــويــة. وتنافس الــــجــــامــــعــــات فــــــي طــــــــرح بــــرامــــج املـاجـسـتـيـر والـــدكـــتـــوراه فــي ذات التخصصات. ويـــشـــيـــر ذلـــــــك إلـــــــى أن الحاجة للتخصصات التربوية بمؤهات عليا مازالت قائمة وأنها تتمتع بأهمية كبيرة في مجال التعليم، فـهـي مــن التعليم وتـنـتـهـي إليه؛ ولـــكـــن مــــا آلـــــت إلـــيـــه حـــالـــهـــا من إهمال وتهميش ما هو إال نتيجة لسوء التخطيط و اإلدارة للموارد البشرية.