Okaz

احملاكمات التويترية

- أسامة يماني* @osamayaman­i

يـحـاول قلة اسـتـخـدام وسـائـل الـتـواصـل للتأثير على املـسـؤول مـن خال الحمات التي يقومون بها في سبيل إبقاء املجتمع تحت قبضتهم، وذلك من خال فرض مفاهيمهم وثقافتهم على الجميع. وهذا األمر في حقيقته مـدمـر لـاقـتـصـا­د ومــدمــر لــإبــداع والـتـطـوي­ـر وعــامــل هــدم وتـأخـيـر للتنمية مــن كافة جوانبها، وقد شهدنا كيف استغلت قطر رجاالت الصحوة لبث الطائفية والعنصرية في املجتمع ومحاربة كل القوى الناعمة من فن وإبداع وموسيقى حتى خسرنا الريادة التي عرفنا به والتي أوصلتنا إلى الشارع العربي في بيروت واملغرب وسورية وباقي األقــطــا­ر العربية. ورغــم التنوع الجغرافي الــذي تمتاز بـه اململكة العربية السعودية واملصايف التي تشتهر بها السعودية مثل الطائف وأبها وغيرهما فقد خسرت جذبها نتيجة ما كان يمارسه هؤالء األشخاص من حمات على األماكن السياحية واملطاعم ونتيجة فرض الشروط التعسفية التي يطالبون الجهات التنفيذية بتطبيقها، ولألسف الـشـديـد كــانــت هــذه الـجـهـات التنفيذية تعمل عـلـى وضــع شـــروط خـانـقـة لاستثمار السياحي، فتدنت الخدمات السياحية ولم تعد تواكب الجديد وانخفضت ربحيتها، وفي بعض األحيان تكبدت خسائر بسبب هذه الظروف واملمارسات واإلجــراء­ات. كما امتد أثرهم إلى التعليم سواء من خال املناهج التعليمية أو من خال األنشطة الصيفية والــفــعـ­ـالــيــات وطـــال أثــرهــم املــجــال الـصـحـي والــحــقـ­ـوقــي، فهضمت حــقــوق املـــــرأ­ة، وتم التضييق عليها، ونال الطفل نصيبه بإطاق صاحية الوالدين صاحية مطلقة حتى أصبحت ظاهرة مخيفة ومقلقة، وانتشرت ثقافات ومفاهيم تخالف روح العصر وال تتفق معه، وتأثرت قطاعات في الدولة من أسلوب البرقيات واملعاريض التي استعيض عنها حاليا بالتغريد في وسائل التواصل االجتماعي والسناب شات وما إلى ذلك. األضـرار التي ألحقها هؤالء الشرذمة بالباد والعباد كبيرة بهدف اختطاف املجتمع وتنفيذ أجندات أجنبية باستخدام الدين والطهارة والعفة ومحاربة الرذيلة والعناوين الفضفاضة كــأداة ووسيلة لـإرهـاب والتخويف والـتـدخـل فـي كافة األمــور الحياتية وهضم حقوق املجتمع وإشغاله في التوافه والترهات ومحاربة التنوع واإلبداع. ونحن اليوم بصدد تنفيذ الرؤية وتطبيقها نجد هؤالء مازالوا يتبعون نفس النهج واألسلوب من خال الهجوم على الغير وخصوصياته، ولألسف نجد أن الجهات التنفيذية تسارع التخاذ اإلجراءات ضد املجني عليه بدال من الجاني وتحيله إلى التحقيق بعد أن تمت محاكمته تويتريًا أو بواسطة إحدى وسائل التواصل االجتماعي. فاألصل أن من قام بتسريب أو نشر وتوزيع مقاطع مخالفة لنظام النشر اإللكتروني هو من يعاقب أوال وليس من تم االعتداء عليه وعلى خصوصيته. إن املقطع املعروف بالساحرة الذي قام بنشره شخص ما متهمًا امرأة مستورة وبريئة من هذه التهم بأنها ساحرة تمارس السحر والشعوذة لتحال املسكينة للتحقيق، بينما املتهم هو الذي شهر بها ونشر مقطعًا مجتزأ عن فحواه وأصدر حكمه عليها بعد أن قـام بمحاكمتها تويتريًا. ونجد أن نفس القصة تتكرر ضد فتاة صغيرة لم تتجاوز )17( ربيعًا قام بتهريب مقطع لها ونشره شخص عديم الضمير يستوجب على الجهة األمنية التحقيق معه وليس مـع الفتاة التي فوجئت باملقطع ينشر على املـأل وعلى الجمهور الــذي قــام بعضهم بمحاكمتها تويتريًا وأصـــدروا الحكم عـلـيـهـا بالسفور وعظائم األمور. لكي نحارب الفكر اإلرهابي يجب في رأيي تجريد هذا الفكر من الوسائل غير املشروعة وذلــك بتطبيق النظام ضـد كـل مـن يـقـوم بمثل هــذه املحاكمات التويترية والتشهير بالغير. إن محاربة الفكر اإلرهـابـي واإلقـصـائ­ـي يستوجب حزمة مـن اإلجـــراء­ات التي تجفف املستنقع الذي تتوالد فيه يرقات اإلرهاب.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia