صيفك «عكيفك»
اســـتـــوى الــــرطــــب، بـــل انـــشـــوى وتــلــهــلــب فـــي هذا الصيف الـقـائـظ الـانـهـائـي. ونـحـن معه ننصهر مثل شوكوالتة الفوندو السويسرية، التي وجدت نفسها فـي بــاد الـجـمـال والـشـاورمـا تنصهر با شمع. فـأي شمعة تنافس شمسنا الغاضبة؟ هذا ونحن في نعمة التكييف الصناعي فماذا تفعل الطيور بالله؟ تلك الكائنات الرقيقة ذات العظام الــهــشــة والــقــلــوب الــصــغــيــرة؟ مــــاذا تـفـعـل القطط الحزينة بالطرقات؟ من أين تشرب وتأكل؟ في أيام أصبح فيها السمك الذي يعيش باملاء يبدو وكأنه يصاد مشويًا جاهزًا من فرط الحرارة. مــاذا نفعل بامللل هــذا الصيف الــحــار؟ واألطفال مـعـلـبـون بـكـل عـنـايـة وحـــذر بـالـبـيـوت واألمهات عــلــى حـــافـــة الـــجـــنـــون مـــن زهــــق األطــــفــــال، فماذا يخترعون لهم مـن «آكتيفيتيز» فـي هــذا القيظ؟ وكما تعلمون فعدد ال يستهان به من أطفال اليوم مفرطو النشاط أو مفرطو الفلسفة - إن لم تخترع لهم عشر تـسـال فـي الدقيقة، يستشيطون غضبًا ويــهــددونــك بــائــحــة حــقــوق اإلنـــســـان الــتــي تخل حضرتك ببنودها بصفة دوريــة. فماذا نفعل في هذه الحرارة؟ وكيف نقضي صيفًا مثمرًا بعد أن احترقت الثمار حرارة؟ ربــمــا يــجــب أن نــحــاول اخـــتـــراع وســائــل لتسلية األطـــفـــال وخــدمــة املــجــتــمــع. فــنــضــرب عصفورين بحجر. مع أنني ضد هذا املثل املتوحش «السوفاج» فمن الــذي اخترعه؟ قاتل ســادي للعصافير ربما كـان يعاني من هوائل الحر مثلنا فقرر التسلية بضعاف الله، ما علينا. فهمتم املغزى أصدقائي. يعني ملــاذا ال نفكر فـي: «ويــن- ويـن سيتيويشن» أي معادلة رابحة للطرفني؟ لم ال ننشئ مؤسسات للعمل التطوعي يساهم بها األطـفـال الزهقانون فـيـطـعـمـون ويــســقــون الــطــيــور والــحــيــوانــات مثل الـقـطـط؟ األطــفــال يـحـبـون الـحـيـوانـات والطبيعة ومن فطرتهم عمل الخير. لم ال نستغل ذلك؟ ربما أيضًا نحفزهم ليعملوا في سقي الزرع الجاف أو زيارة املسنني، لعمل الخير أو غيرها من األعمال املجتمعية - أو الهوايات املفيدة التي ال تتطلب طقسًا جميا مثل الــقــراءة، وليت لدينا مكتبات عــامــة خــاصــة بـالـطـفـل أو غـيـرهـا مــن النشاطات التي يمكن لألطفال ممارستها كالسباحة وغيرها وتــكــون مـتـاحـة للجميع ولــيــس لـلـقـادريـن ماديًا فقط. واملـهـم طبعا ترتيب ذلــك كله بحيث ال تتم الـــنـــشـــاطـــات أو خـــدمـــة املــجــتــمــع فـــي عـــز القيظ، فيصاب األطفال بضربة شمس وتأتي أم رومانيا وأم مـالـني وأم مسياال وأمــهــات جميع األسماء الحديثة هــذه، الـتـي تخترعها لجنة البحث عن غرائب األسماء واملهجور من املفردات ويجتمعن ويــنــهــالــن عـــلـــي ضـــربـــًا عــقــابــًا عــلــى مقترحاتي الذكية. وربما نختصر ذلك كله ونضع طبق ماء وقليا من الطعام للطيور والقطط في فناء دارنا، وننقع هـــؤالء املـفـرطـي الــكــام والــحــركــة مــن األطــفــال في بانيو بــارد ونطلب لهم مـن كوستا كافيه أيسد ليمونيد، أو مـن باسكنج روبـنـز «دوبـــل سندي» ونــذهــب نـحـن لـنـقـتـدي بــأصـدقـائـنـا املكسيكيني الذين يقضون على شمس الظهيرة «بالسيستا» تـحـت قـبـعـاتـهـم الــعــريــضــة، فـنـنـام ونـكـبـر املخدة وننسى أننا جيران الربع الخالي والجمل والنخلة وكل «الفلورا والفونا» الصحراوية.