القلق اإليراني في العراق
يــقــتــرب الـــعـــراق الــيــوم مــن تــحــريــر أراضـــيـــه مــن داعـــــش، بــعــد أن سيطرت داعــش على املوصل ومناطق عـدة لسنوات ثــالث، وكم صدم العراقيون أكثر من غيرهم من انهيار الجيش العراقي أمام مئات من عناصر داعش، وكان ذلك خالل فترة حكم نوري املالكي حليف إيران، والذي ربما استلزم عليه وفاؤه إليران أن يكون هذا الجيش على الورق. ينتهي العراق من اإلرهاب للمرة الثانية اليوم، ففي املرة األولى تخلص العراق من تنظيم القاعدة وكان للصحوات العشائرية دور كبير في ذلك، لكن سياسة املالكي قـوضـت دور هــذه الـصـحـوات، وأوقــفــت تمويلها وتعاملت بطائفية وتـراخـت أمنيا حتى انطلقت داعــش وعـاثـت فـي األرض فـسـادا، وجــاء حيدر العبادي ورغم كل التحديات نجح في مكافحة داعش، بمساعدة من عدة حلفاء على رأسهم الواليات املتحدة األمريكية. اليوم نرى تقاربا بني العراق ومحيطه العربي، وفي املقدمة تأتي اململكة في سعيها إلعادة العراق ملحيطه الطبيعي، يأتي هذا التقارب بعد سنوات لم يكن التباعد فيها أمرا مناسبا، سمحت هذه السنوات بتغول إيران أكثر في العراق، وقد أظهر هذا وجه إيران الحقيقي للعراقيني، ورأينا ذلك في مظاهرات خرجت في البصرة وصيحاتها «إيران برا برا.. بغداد تبقى حرة». مما يعنى أن العراقيني عرفوا أن أزالم إيران في العراق وعلى رأسهم املالكي، إنما هم فسدة نهبوا خيرات العراق، ولم يروا انعكاس أثر هذه الخيرات على بلدهم، بل كانت هذه األمـوال باإلضافة لجيوب الفاسدين، تسهم في تمويل مــعــارك بــشــار األســــد، حــني صـعـب الـتـمـويـل املـبـاشـر مــن إيــــران مــع العقوبات املفروضة عليها. الدول العربية حاولت عدة مرات أن تعود للعراق، وألن هذا األمر خطير على إيران، ملعرفتها بعروبة العراقيني العميقة أيا كان مذهبهم، فقد تصدت لعدة محاوالت تقارب، منها التهديد املستمر لسفير اململكة السابق في العراق الوزير ثامر السبهان، والـذي عني سفيرا في بغداد في 2 يونيو ،2015 لكن اململكة وعدة دول عربية لم يثنها ذلك واستمرت في الوقوف إلى جانب العراق. وبالحديث عن عروبة العراق فيجب العودة ملا قاله عمرو موسى عن محاولة إيران عبر نوري املالكي أيضا، أن ال يكون دستور العراق عروبيا، حيث كان التيار اإليـرانـي يرغب في أن تكون صياغة الدستور تقول «الشعب العربي في العراق جزء من األمة العربية»، لكن إصرار الجامعة العربية جعل النص «العراق دولة عربية مؤسسة للجامعة العربية»، وهو ما ذكرته بتفصيل أكثر في مقال (العراق العربي وسورية العربية) 30 يناير .2017 حــني دخــلــت إيـــــران لــلــعــراق بــعــد ســقــوط نــظــام صــــدام حــســني، حـمـلـت شعار الطائفية وضربت السنة بالشيعة وتالعبت باألكراد، لكن قبل هذا كله لم يكن املعيار الطائفي هو املحرك الرئيسي، بل كـان الحقد والــوالء هما املحركان، فتم تصفية الطيارين الشيعة في البصرة والذين كانوا في الجيش العراقي وقصفوا إيران خالل سنوات الحرب، حيث لم تنس يوما ولم تسامح الجيش العراقي، ثم تعاملت مع الشيعة قبل غيرهم على مبدأ الوالء املطلق إليران ال مبدأ الطائفة. اليوم تشعر إيران بقلق شديد من التقارب السعودي العراقي، عبر زيارة رئيس الـــوزراء ووزيــر الداخلية وعــدة مسؤولني، ثم كـان القلق أكبر بـزيـارة مقتدى الصدر ولقائه بولي العهد السعودي األمير محمد بن سلمان، والذي اعتبره زعيم التيار الصدري حوارا شفافا وصريحا بني الطرفني. لـدى الـعـراق تحديات كبيرة اليوم بعد أن تنتهي املعركة مع اإلرهـــاب، لديه تحدي انفصال كردستان، ولديه تحدي منع أسباب ظهور اإلرهــاب مجددا، وعــدم وجــود عـدالـة فـي التنمية، والـتـحـدي األكـبـر هـو كيف يمكن الـحـد من النفوذ اإليراني، وكيف يمكن أن يكون خير العراق ألهله. يعود العرب إلى العراق ويبقى العراق عربيا ألن األشياء مهما طال بعدها تعود لطبيعتها، ليس الطريق معبدا بالزهور، لكن بغداد املتنبي تستحق، وقد قال فيها أبو الطيب الـــــــــــشـــــــــــمـــــــــــس أنــــــــــــــــــــــت فــــــــــــــضــــــــــــــاء الــــــــــــــــــــــــــــــــدوح مـــــــبـــــــتـــــــهـــــــج
أو جــــــــــنــــــــــة الـــــــــــجـــــــــــنـــــــــــات أرضـــــــــــــــهـــــــــــــــا دواء الـــــــــــقـــــــــــلـــــــــــب مـــــــــــــــــن عـــــــــجـــــــــز
بــــــــــــغـــــــــــــداد أنـــــــــــــــــت هـــــــــــــــــالل األشـــــــــــــهـــــــــــــر بـــــــــــــــــغـــــــــــــــــداد أنـــــــــــــــــــــــت عـــــلـــــمـــــي الـــــــــــحـــــــــــرم