Okaz

امبراطورية هارودز العظمى !

-

@massaaed مـن سخريات الــقــدر، أن تـحـاول قطر فــرض هيمنتها ووصايتها على السعودية وبقية الدول العربية، لوهلة من الزمن توهمت قطر أنها دولة عظمى قادرة على التمدد السياسي والجغرافي لو أمكن ذلك، هكذا بدون مقدمات وال فواتير من تاريخ وجغرافيا تدفعها أجيال وراء أجيال من دمائها وعرقها ودموعها، فقط تكتشف أن لديك حقل غاز تبيعه آخر اليوم لشريكك في شركة «اكسون موبيل» لتصبح في اليوم الثاني دولة عظمى. يـا لهذا الـزمـن الــرديء الــذي دفـع «محدثي نعمة السياسة»، أن يتوهموا فـي لحظات عابرة قدرتهم على التحكم في مصير شعوب املنطقة، بدون أي مقومات وال عمق وال جــذور، بـل باالستعاضة بمقاولني مـن الباطن مـن أفــراد وجماعات وإعـــام، والعبور من خال جماعات اإلرهـاب، والقتل على الهوية، وهد الـدول العربية رأسا على عقب، وتغيير خارطة الشرق األوسط لصالح نزوات سياسية. دعونا نشرح لإلخوة في قصر عزمي بشارة ما هي مقومات الدول الكبرى، لعلهم يعون أن حفات كتارا، وشراء فانيات الاعبني املشهورين، واستضافة بطوالت دولية بدون جماهير، وشراء هارودز، ال تبني تاريخا وال تزور حضارة. إنــه الـتـاريـخ العظيم الــذي ال تعرفونه بـعـد، ولــن تـعـرفـوه قبل مضي مـئـات السنني، فعمركم ال يتجاوز الخمسة واألربـعـن­ي عاما، منذ أن أطلقت سراحكم حكومة جالة امللكة اليزابيث الثانية التي كانت تحكم قطر. هو ذلك اإلرث الحضاري املمتد في كل زاويـة من بلدنا، في لهجاتنا وفنوننا وطرز بيوتنا املعمارية من عسير جنوبا إلى دومة الجندل شماال ومن بيوت األحساء شرقا حتى رواشني جدة غربا. في ثقافتنا وشعرنا املمتد من غـازي القصيبي حتى معلقات زهير وطرفة وعنترة ولبيد وامــرئ القيس، رقصاتنا وألـوانـنـ­ا الشعبية التي ال تستطيع أن تشتروها أو تشتروا مثلها، بسيوفها التي ال تعرفون كيف تحملونها وال ملن تهدونها، هي تفاصيل نتوارثها كما نتنفس، لن تجدوها في أسواق أوروبا وال في مجمعات أمريكا، إنه شيء ال تقدرون عليه ال أنتم وال عزمي وال كل «املرتزقة» الذين جلبتموهم. هل يعلم من في قطر أن محافظة الطائف فقط يوجد بها أكثر من 2500 قرية، كل قرية فيها مايني التفاصيل تخرج من اإلنسان واملـكـان، بينما ال يوجد في قطر وال قرية واحدة، إنها حقل للغاز حوله «مستوطنة سكانية» يتحكم فيه عزمي بشارة ويوسف القرضاوي. الــدول الكبيرة، ال تحسب بأرصدتها املالية، وال بنقل الـسـيـارا­ت الـفـارهـة مجانا إلــى فيينا ولـنـدن وباريس من أجل التباهي بها في فصل الصيف، وال بالفنادق واملطاعم وأندية الرياضة األوروبية التي يتم شراؤها في صفقات غير شفافة، بل بإنجازات أبنائها، بكفاحهم يــومــا بــيــوم لـتـحـصـيـ­ل املــعــرف­ــة ولــقــمــ­ة الــعــيــ­ش، بالصبر واالنتقال نحو املعالي درجة درجة. بالطبع تستطيع شراء أفضل الاعبني األوروبيني، وترشي مــراقــبـ­ـي حــقــوق اإلنـــســ­ـان فــي جـنـيـف ونـــيـــو­يـــورك، وتدفع املـــايــ­ـني لـلـمـذيـع­ـني والــصــحـ­ـفــيــني فـــي واشــنــطـ­ـن وباريس وموسكو، وتستأجر سائقي سيارات التاكسي والتك توك في لندن وحيدر آباد ليتغنوا باسمك، لكنهم في آخر األمر ليسوا ســوى مـرتـزقـة سيبيعونك يـومـا مــا ملــن يـدفـع أكثر منك. في سعي الدوحة لزعامة الشرق األوسط، استعانت بالخبير اإلسرائيلي عزمي بشارة الذي ال يزال يحمل جنسية دولته الصهيونية وعضويته في الكنيست الذي أقسم بالوالء له. قــدم عزمي بـشـارة نظرية مثيرة للجدل تقوم على مـحـوريـن؛ أولـهـمـا، اتـخـاذ نموذج إسرائيل الدولة الصغيرة حجما الكبيرة بطشا وإرهابا وترويعا لدول املنطقة، لتفرض هيمنتها ورؤيتها وسياساتها، بشارة سوق النموذج السياسي الصهيوني الذي خبره وعرفه في كواليس الكنيست، حيث كان يخطط ويعمل معهم، صور املستشار السياسي لحكومة قطر أن تلك السياسات قـادرة على تحويل قطر لقوة عظمى من خال فرض هيمنة «إرهابية» على جيرانها ومحيطها العربي. بـالــطــب­ــع املــقــوم­ــات اإلســرائـ­ـيــلــيــ­ة مـخـتـلـفـ­ة تــمــامــ­ا، فــإســرائ­ــيــل تــحــمــل غــطــاء عسكريا واقتصاديا وإعاميا غربيا، إضافة إلى أنها استطاعت بناء اقتصاد معرفي متقدم جدا، وهي كذلك متطورة عسكريا وتثق في شعبها وكونت جيشها منهم، بينما قطر «محدثة نعمة»، لجأت ملرتزقة باك ووتر والحشد الشعبي والحرس الثوري والجندرمة التركي بدال من أبنائها. تعتمد الـدوحـة على بحيرة مـن النفط والــغــاز، وتتبجح بغناها، على الرغم من أنه لم تبدأ مظاهر املال الوفير إال مـن 15 عاما فقط، ومــع ذلــك تعتقد أنها تستطيع فرض هيبتها بــشــراء كــل شــيء بـــدءا مــن ذمــم املـؤلـفـة جيوبهم مـن خـونـة األوطـــان، وانـتـهـاء بالجيوش األجنبية ومنح القواعد العسكرية باملجان وتحمل تكاليفها كاملة. املحور الثاني، يقوم على التغلغل االقتصادي واإلعامي والحقوقي فـي الــغــرب، وإدخـــال السياسيني واإلعاميني وممثلي مؤسسات املجتمع املدني في الصفقات للحصول عـلـى سـكـوتـهـم، وبـالـفـعـ­ل اشــتــرت قـطـر بـمـئـات املليارات عقارات وبنوكا وأندية رياضية وصــاالت ألعاب غربية، هـي فـي كثير مـن األحــيــا­ن غير مـبـررة ولـيـس لها عوائد تذكر. إال أن أبرز ما يكشف العقلية القطرية التي تعيش خارج سياق الواقع، كان شراؤها «متجر هارودز» العام ،2010 هنا ظنت الدوحة مرة أخرى أنها بشرائها «ملتجر بقالة» يبيع البسكويت اإلنجليزي واأللبان والبيتزا، أنها تحولت لبريطانيا أخرى، وأنها حصلت على درة التاج القطري، وكونت إمبراطورية هارودز العظمى التي ال تغيب عنها الشمس. ما حصل هو أن الدوحة بعد كل تلك املليارات والدعم الا محدود لجماعات اإلرهاب العابر للقارات، والرشاوى التي ال تتحملها أي خزينة وال أي ضمير، استطاعت فرض هيمنتها ووصايتها على شعب هارودز، إنها إحدى نظريات عزمي التي ال تنتهي.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia