أمامكم احملكمة أو ماء البحر !
ﻋﻠﻰ ﺧﻔﻴﻒ
كــان بعض الـنـاس الـذيـن عليهم حقوق مالية لغيرهم ليس لديهم نية للوفاء بها يقولون ألصحاب الحقوق إذا ما ضيقوا عليهم في املطالبة: مالك عندي شيء.. وقدامك املحكمة! وقائل هذه العبارة يعتقد أنه بقوله لها يحبط آمال صاحب الحق في الحصول عليه، السيما إذا كان مساملًا أو غير قادر عــلــى خـــوض غــمــار مــعــركــة قـضـائـيـة طــويــلــة األمــــد متعددة الـجـلـسـات تكثر خـالـهـا املـمـاطـلـة والـتـسـويـف والــغــيــاب عن بـعـض الـجـلـسـات بــأعــذار شـتـى مــن قـبـل املــدعــى عـلـيـه، ثــم قد يلحق بحجته فيكون الحكم لصالحه، وحتى إن كان الحكم ضــده فتوجد مرحلة االسـتـئـنـاف، ثـم يصعب تنفيذ الحكم حـتـى بـعـد وصــولــه إلــى املـرحـلـة الـتـي تجعله قطعيًا واجب التنفيذ. ولكن يبدو أن محاكم التنفيذ قد ساهمت في تخفيف نسبة عــدم االهتمام باألحكام القضائية الــصــادرة عـن املحكمتني الـجـزائـيـة والـعـامـة لعلم املـحـكـوم ضـدهـم أن التنفيذ واجب عليهم عن طريق محكمة التنفيذ مهما راوغوا أو ماطلوا أو تهربوا بعض الوقت. ولـكـن الــقــوة التنفيذية الـتـي اكتسبتها األحــكــام القضائية الصادرة من املحاكم العامة والجزائية، لم تشمل ما يصدر عن "املحكمة اإلدارية" أو ديوان املظالم حسب املسمى الراسخ في أذهان الناس عامتهم وخاصتهم، حتى إن بعض املسؤولني التنفيذيني أصبحوا يقولون ملن يشكون لهم من حرمانهم مـن مكافآت أو مـزايـا كانت تصرفها الجهة التي يعمل بها املسؤولون: قدامكم ديوان املظالم! وبعدًا عن الحكم على النوايا، واحتمال أن تلك العبارة تعني أن بإمكان املتظلمني الشكوى للمحكمة اإلدارية ألن ذلك حق لهم وليس القصد منها عدم االهتمام باملحكمة وقراراتها، إال أن واقـع الحال يؤكد أن ما يصدر عن املحكمة اإلداريــة ليس له قوة تنفيذية حتى إن أعضاء في مجلس الشورى أوصوا في إحــدى الجلسات األخـيـرة بـأن يصبح التنفيذ عن طريق وزارة املالية لتقوم بخصم ما يصرف من تعويضات مالية ملن حصلوا على قرارات من املحكمة بحقوق مالية ضد إدارة أو مصلحة رسمية، من امليزانية السنوية لتلك الجهة املدانة، ولكن املجلس أسقط تلك التوصية ولم يقدم البديل املناسب الذي يكسب قرارات املحكمة اإلدارية قوة تنفيذية، فا عجب بعد ذلــك أن تصبح قـــرارات املحكمة مضغة فـي األفـــواه وأن ترفض تنفيذها اإلدارات الصادر ضدها القرارات أو تنفذها بعد حلول مسؤول جديد في املنصب، أو يقول مسؤول إداري للمتظلمني: أمامكم املحكمة اإلدارية أو ماء البحر!.