املكّفراتية.. حّراس أبواب الرحمة !
أســـوأ الـبـشـر أولــئــك الــذيــن يبيحون ألنفسهم الـتـدخـل فــي مشيئة الله وإرادته تجاه عباده، ويزعمون أنهم يملكون الحقيقة املطلقة واألحكام القاطعة على البشر، واألســوأ من ذلـك عندما يكون مثل هـذا النموذج قـاصـرًا فـي العلم وهـشـًا فـي املعرفة ومحتقنًا تـجـاه طائفة أو شريحة أو مذهب ألسـبـاب شخصية ومنطلقات ذاتـيـة عمياء وأوضـــار نفسية عــدوانــيــة هــوجــاء، أمــا قــاع االنــحــطــاط فـهـو عـنـدمـا تـتـم هــذه املمارسة القبيحة تجاه أشخاص رحلوا عن الدنيا وأصبحوا بني يدي خالقهم الرحمن الرحيم العفو الكريم. لقد ابتلينا كمجتمعات مسلمة بـأمـثـال هـــؤالء الــذيــن يـكـفـرون املسلم املـخـتـلـف مـذهـبـيـا أو فــكــريــا ويـــزدرونـــه حــيــًا ومــيــتــًا، ويــبــثــون خطاب الـكـراهـيـة والـتـطـرف والــعــداوة والـبـغـضـاء، إمــا نتيجة جهل مطبق أو توظيف خبيث إلحــداث شـرخ بني مكونات املجتمع كتطبيق ألدبيات حزبية تسعى لتحقيق أهــداف دنيوية غير نزيهة تحت عـبـاءة الدين الذي أساؤوا إليه قبل إساء تهم للبشر. لم يتورع هؤالء حتى عن محاولة الحجر على الناس من الترحم على مسلم ميت يشهد أال إله إال الله وأن محمدًا رسول الله، وقد شهدنا هذا االبــتــاء والــبــاء سابقًا عبر بعض املـنـابـر العنيفة، لكنه بعد انتشار وسائل التواصل أصبح مشهدًا علنيًا يكاد يقترب من الظاهرة، وآخر شاهد على هــذا الـحـال مـا كتبه فـي أحــد املـواقـع شخص يحسب نفسه على أهــل العلم الشرعي رغــم خلفيته الحزبية وقلة ذخيرته العلمية وهـشـاشـتـهـا، حــني جـهـر بـعـدم جـــواز الـتـرحـم عـلـى الـفـنـان عبدالحسني عبدالرضا الــذي غــادر الـدنـيـا بعد رحـلـة طويلة مـع املــرض واملعاناة، حيث وصفه بــذات األوصــاف التي يستخدمها مؤسسو خطاب الفرقة والكراهية الذين سببوا لنا مشكات كبيرة دفعنا ثمنا باهظًا بسببها. نقول ما سبق عطفًا على إحالة وزارة اإلعام لهذا «املكفراتي» الجديد إلى لجنة مخالفة النشر بسبب مخالفته نظام املطبوعات والنشر، وهي خطوة إيجابية جيدة نتمنى أن تكون رادعة لهذا الشخص وأمثاله، وأال يتدخل في عملها أصحاب الشفاعة ألنها لجنة حكومية هدفها الحفاظ على وئــام وســام املجتمع وحمايته مـن الجهلة واملـتـهـوريـن ونافثي السموم. كما نأمل إيجاد وسائل أكثر ردعًا وحزمًا مع هؤالء ألنهم بشكل مباشر يتحدون أنظمة الدولة وتوجهها بوأد خطاب التكفير والتطرف والكراهية.