Okaz

للعرب موعد ثابت مع األحزان في أغسطس

- علي بن يوسف اليوسف (الرياض)

علمتنا الـحـيـاة أنـهـا ال تـتـرك فـرحـة بــا ثمن، وعلمتنا أن ال وجـــود لــفــرح دائـــم، وال وجود لحزن دائم. ولكن هناك ذكرى حزينة تبقى في نفوسنا حتى يوم يبعثون، ال يجف دمعها مهما بلغنا من درجــات الرضا والسعادة. وللعرب موعد مع األحزان في شهر الحرارة والــرطــو­بــة الـخـانـقـ­ة، هــذا املــوعــد بــدأ من أغسطس لعام 1990 عندما تم اجتياح الكويت من قبل قـوات النظام العراقي، ثم بعد عشر سنوات وفاة قيثارة الفن املطرب الراحل طال مداح. فيما كان رحيل حسني عبدالرضا في شهر األحزان وكأنه يريد أن يرسخ ذكــــرى الــحــزن واأللـــــ­م للكويتيني والعرب في هذا الشهر، وبرحيله املر فقدنا رمزًا كوميديًا يصعب جــدًا أن يتكرر فــي عـالـم الـفـن الخليجي والــعــرب­ــي، ألن (حسينوه) أيقونة فنية كوميدية جمعت كل شيء؛ فهو مجموعة مــن األلــــوا­ن الفنية واملــواهـ­ـب املــتــعـ­ـددة التي يفاجأ فيها املتلقي في كل عام. برحيل حسينوه، نحن نـدفـع ثمن الضحك والسعادة بحزننا عليه، ألنـنـا على يقني أن رحيله يصعب جدًا تــعــويــ­ضــه، وقـــد نـسـتـمـر لــســنــو­ات قــادمــة نستمتع في تكرار مشاهدة أعماله الكوميدية، و(نجتر) ذكرياتها السعيدة. اليوم دروازة عبدالرزاق في فريج العوازم مسقط رأسك يا حسني في عـام 1939 تبكي حزنًا على رحيلك، وفـي ذات الوقت تفتخر بشهادة مياد رمز من رموز الفن العربي فيه. برحيل حسينوه فقدنا ركـنـًا أسـاسـيـًا من أركان الكوميديا العربية؛ ألنه رحل تاركًا مجدًا فنيًا ضخمًا، وإرثًا ثقافيًا لن يتكرر. في عالم الكوميديا يصعب التعويض، ويـصـعـب تــكــرار املـــواهـ­ــب الـــفـــذ­ة، وال نبالغ إن قلنا يستحيل أن تتكرر موهبة فنية كحسني عبدالرضا. مــــــاذا قــــال لـــي التلفزيون؟ للراحل مـواقـف متعددة مـع اإلعـامـيـ­ني وكــان لـي معه موقف في مهرجان اإلذاعة والتلفزيون في البحرين عام 2001 وكــان ذلـك فـي بداياتي الصحفية، وذلــك عندما رفــض اإلجـابـة على ســؤال يتعلق بانفصاله عـن رفيق دربه سعد الفرج وعندما أصررت وبإلحاح على اإلجابة انفعل (أبو عدنان) وقال:ُ ماراح أجاوبك، ولن أكمل بقية األسئلة أيضًا. ثم أضاف بعد صمت قليل: لــإعــام الـسـعـودي مكانة خـاصـة فــي قلبي ال تفسدها فــي أسـئـلـتـك، والــيــوم أنــا سعيد بتكريمي فــي هــذا املــهــرج­ــان الـــذي يضم نخبة من النجوم البارزين، ونؤجل الحديث عن األسئلة (االستفزازي­ة) الحقًا. فـــي بـــدايـــ­اتـــي الــصــحــ­فــيــة فـــي مهرجان قبل أن يبدأ الثنائي حسني عبدالرضا وناصر القصبي بــتــصــو­يــر مــشــاهــ­د مـسـلـسـل أبــــو املـــايــ­ـني الـــــذي تمت إذاعته في عام .2013 أذكر أنني سألت حينها املخرج عبدالخالق الـغـانـم عــن توقعه لـهـذا الثنائي وهل بينهما (كيمياء)، فرد ضاحكًا: «مو بس (كيمياء) بل أكثر من ذلـك، هذا الثنائي بينه تـوأمـة وتناغم عجيب وسيمتع الجمهور كثيرًا». واستنتج الغانم ذلك أثناء زيارته ملوقع تصوير مسلسل أبو املايني. لـحـسـني عــبــدالـ­ـرضــا مــعــزة خــاصــة فـــي قلب ناصر القصبي زادت وكبرت بعد تعاونهما، ولعل حلقة (قلب للبيع) في سيلفي األخير كانت آخر وقوفهما معًا. إذن رحل حسينوه تاركًا خلفه فراغًا كبيرًا وإرثـــــًا فـنـيـًا ضـخـمـًا يـصـعـب جـــدًا على أبناء الجيل الحالي أو األجيال الفنية القادمة أن تسد مكان هذا الفراغ.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia