تعظيم سالم يا نيابة
كنت تمنيت فـي مقال األمــس «املكفراتية، حــــراس أبــــواب الــرحــمــة» أن تــتــوفــر لدينا إجــــراءات قانونية حــازمــة وصــارمــة لردع دعاة الكراهية والتطرف وبث الفرقة وإثارة الشحناء والبغضاء بني مكونات املجتمع، الذين استمرأوا خطابهم السام بقدر كبير مـــن الــصــلــف والـــتـــحـــدي لــكــل االعتبارات األخاقية والتوجيهات الرسمية، وأشرت في املقال إلى أنه مع التقدير الكبير لوزارة الثقافة واإلعـام من خال لجنة مخالفات النشر التي استدعت املغرد املكفراتي الذي تــهــجــم عــلــى الــفــنــان الـــراحـــل عبدالحسني عبدالرضا (رحمه الله)، وحرم الترحم عليه بــأســلــوب عـــدوانـــي كــريــه، إال أنــنــا نحتاج بالضرورة إلـى ما هو أكثر ردعــًا من هذه اللجنة لخطورة مثل هذا الطرح في مرحلة شــديــدة الـحـسـاسـيـة ال تـحـتـمـل مــزيــدًا من الشروخ واالحتقانات االجتماعية. فــي نـفـس الــيــوم فـاجـأتـنـا - وهــي مفاجأة ســـارة - الـنـيـابـة الــعــامــة بـبـيـان ذكـــرت فيه أنــهــا «أصـــــدرت أمـــرًا بــاســتــدعــاء مجموعة من املغردين ممن رصـدت عليهم اتهامات جنائية بــاإلســاءة للنظام الـعـام مـن خال التأثير على سامة واعتدال املنهج الفكري للمجتمع بمشاركات ضــارة سلكت جادة التطرف املفضي إلى مشايعة حملة الفكر الــضــال، وأن مــن تــم اســتــدعــاؤهــم هــم قيد تــوصــيــف االتــــهــــام الـــجـــنـــائـــي، وستطبق بـحـقـهـم اإلجـــــــراءات الــشــرعــيــة والنظامية للمتهمني». هـــــذا هــــو الــــــــدور الـــــــذي كـــنـــا نــنــتــظــره من النيابة العامة التي تمثل املجتمع وتتبنى قــــضــــايــــاه، ولــــيــــس ثـــمـــة قــضــيــة فــــي هذه الــظــروف أهــم مــن مــحــاوالت ضــرب وحدة املجتمع ووئـامـه خـدمـة ألجـنـدات تكشفت أهـــدافـــهـــا وافــتــضــحــت أدوار مخططيها ومــنــفــذيــهــا مـــن الــعــمــاء الـــذيـــن يزحفون بني ثنايا املجتمع كاألفاعي امللساء التي تحمل السم الزعاف لتقويض الوطن على رؤوس أهله خدمة للعدو القريب والبعيد. إنــنــا نـطـالـب نيابتنا املــوقــرة بــوضــع هذا املــلــف فـــي مــقــدمــة أولــويــاتــهــا، ولـــو أردنا معالجته كما يجب لطالبناها بفتحه بأثر رجعي باستدعاء كل الذين أسسوا لخطاب التطرف والكراهية والتكفير املجاني الذي فعل بنا ما فعل.