أعلى ما في خيل «الوزير»
للقطاع الخاص عندنا طبيعة تختلف كثيرا عن غيرنا من الدول التي سبقتنا في مجال األنظمة، فـلـدى التاجر واملـؤسـسـات التجارية والشركات الخاصة فرصة أكبر للتالعب واملراوغة واملخالفة، أي بصورة أشمل ملمارسة الفساد بكافة صوره، والسبب عدم وضوح بعض األنظمة واإلجراءات أو عدم شمولية بعضها وعدم اكتمال اآلخر. هنا يبرز دور قوة املسؤول عن املوافقات املتعلقة بعقود الشركات واتفاقيات املؤسسات وأعمال الــتــجــار، وغــالــبــا فـــإن املـــســـؤول األعــلــى عــن هذه املتعلقات هو الوزير أو املحافظ أو رئيس الهيئة الحكومية ذات العالقة. مــتــعــلــقــات الـــقـــطـــاع الــــخــــاص لـــــدى املؤسسات الـــحـــكـــومـــيـــة تـــــتـــــراوح بــــن عــــقــــود مـــلـــيـــاريـــة أو خـــصـــومـــات مــلــيــونــيــة أو غــــرامــــات ومــــقــــاوالت وخــالفـه، وفــي ظـل عــدم اكتمال أو عــدم شمولية األنــظــمــة فـــإن مــركــزيــة الــقــائــد (وزيــــــر، محافظ، أو رئــيــس هــيــئــة) تــصــبــح ضــــــرورة، وقـــوتـــه في اتـخـاذ الــقــرار والـصـمـود أمــام الـضـغـوط تصبح أســاســا لـنـجـاح الـجـهـة الـحـكـومـيـة فــي مواجهة قطاع خـاص جشع جـدا ويبحث عـن الـربـح بكل وسيلة!، (دعك من املقوالت املثالية املتفائلة جدا والـتـي تقول إنــه شريك مـشـارك مخلص وطني) فالتجربة تثبت عكس ذلك إال من ندر!. اتخذت على نفسي نذرا أن ال أمتدح إال من مات تـأسـيـا بـمـقـولـة ابـــن مـسـعـود (إذا كـنـت متأسيا فبمن مــات ألن الـحـي يخشى عليه مــن الفتنة)، لــذا ســأذكــر مــا واجــهــه املــرحــوم بـــإذن الـلـه غازي الــقــصــيــبــي مـــن ضــغـــوط الــقــطــاع الـــخـــاص أمام إخــالصــه وقــوتــه وأمــانــتــه فــي جـمـيـع املناصب التي توالها والوزارات التي تولى حقائبها وما أكثرها وأجملها. لقد واجــه غــازي القصيبي، تغمده الـلـه بواسع رحمته، في الصناعة والكهرباء واملياه والصحة والـــعـــمـــل، ضــغــوطــا كــتــب بــعــضــهــا ولــــم يمهله املـــرض واملـــوت إكــمــال اآلخـــر، لـكـن تـجـربـة غازي وعبدالعزيز الخويطر ومحمد املعجل (كمدير شؤون صحية) رحمهم الله جميعا وغيرهم ممن لن أذكرهم إال بعد أن يأخذ الله أمانته بعد عمر طــويــل، تجربتهم فــي مـواجـهـة الـقـطـاع الخاص بقوة وأمـانـة كـان أحـد أهـم عناصر قوتها (بعد قــوة وأمـانـة الشخص نفسه) هـو قــوة الـدعـم من رئيس مجلس الوزراء ومنح الصالحية والنفوذ والعون واملساندة في املواقف. هــذا الـدعـم ومـنـح الصالحية يغطي كثيرا على عدم اكتمال بعض األنظمة ويمنح قوة للمسؤول في مواجهة الفساد والعمل بأمانة وقوة تحد من ممارسات بعض مؤسسات القطاع الخاص التي إن وجدت مسؤوال ضعيفا تمادت وكررت (أعلى مــا فــي خـيـلـك اركـــبـــه) وال أخــفـيـكــم فــقــد شهدنا بعضا من هذا وليس البعض بقليل. محمد بن سليمان األحيدب