ليال عشر.. فاغتنموها !

.. في محكم التنزيل أقسم رب العزة والجالل بسورة الفجر بقوله جل وعـال: {والفجر وليال عشر}.. وبعد هـذا القسم قــال تـعـالـى: {هــل فـي ذلــك قسم لــذي حـجـر} بمعنى أليس عنده عقل يمنعه من تضييع هذه األيام. وفيما صح عن الصديقة بنت الصديق أم املؤمنني عائشة رضـي الله عنهما أنها قالت: كنا نعد اليوم الواحد فيها بألف عام. وفيما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه كان يسبح 12 ألف تسبيحة في كل يوم من األيام العادية ! فكم يا ترى يسبح في مثل هذه العشر ؟ ويذكر أن السلف يوقظون بعضهم يقول لصاحبه: أنت من ساعة لم تذكر الله ! ومن السلف أيضًا أن البعض منهم كان يصلي 100 ركعة بني الصبح والظهر. ومـــن أهـــم مــا يـجـب فـيـهـا عـلـى اإلنــســان كــف جــوارحــه عن معاصي الله وعما حرم الله، وإطالقها لله في طاعته. رأس الجوارح اللسان «أمسك عليك لسانك»، من صمت نجا. وال بد أن تتمسك بالسكينة والخشوع في هذه العشر، وال ينبغي أن تجعلها فرصة للسهرات واالستراحات، فإن هذه األيام فرصة للمضاعفة ورفع الدرجات عند الله. وعليك البحث عمن يعينك على طاعة الله، تفقد جليسك وصـــاحـــبـــك، ابـــحـــث عــمــن تــــرى فــيــه عــيــنــا دامـــعـــة وقدما منصوبة لله. فــإن لــم تـجـد صـاحـبـا «فـاسـتـوحـد» انــفــرد، قـلـل مــن خلطة الناس. فال تحقرن من املعروف شيئا في هذه العشر: صيام، ذكر، إطعام، سقيا، صدقة، تفريج كرب، قضاء حوائج.

َُّ ََ وفيما روي عــن ابـــن عــبــاس رضــي الـلـه عنهما عــن النبي

ٌَ ُْ ََْ صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما العمل في أيام أفضل منها

ِِ َُ في هذه. قالوا: وال الجهاد، قال: وال الجهاد، إال رجل خرج ََ ََّ

ََّ يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء. وفي رواية الترمذي َِ َِّ ُِ

َّْ َْ وأبي داود: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من أيام العمل الصالح فيهن أحـب إلى الله من هـذه األيـام العشر،

َِ ُِ َِ َُِ فـقـالـوا: يــا رســـول الــلــه! وال الـجـهـاد فــي سبيل الــلــه؟! فقال رســـول الـلـه صلى الله عليه وسـلـم: وال الـجـهـاد فـي سبيل

ِْ الله، إال رجل خرج بنفِسِه وماِلِه فلم يرجع من ذلك بشيء". قال الحافظ ابن حجر العسقالني في فتح الباري: وقال ابن حجر – رحمه الله – في الفتح: والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة ملكان اجتماع أمهات العبادة فيه وهي الصالة والصيام والصدقة والحج، وال يتأتى ذلك في غيره. رواه الترمذي. فإن الله يشكر عبده على العمل القليل ويثيب عليه الكثير.. وهناك فـرق بني من يبادر ومـن يـتـردد.. سيدنا إبراهيم - عليه السالم - أمر بذبح ابنه فأطاع وبادر، وبنو إسرائيل أمـــــروا بــذبــح بــقــرة فــتــلــكــؤوا وتـــبـــاطـــؤوا فــعــوقــبــوا عقابًا شديدًا. واعــلــم أن هـــذه األيــــام تــريــد عــمــال، تـعـظـيـمـًا، بــــذال، مطايا للعمل الصالح.. وأنها ليست كبقية األيام، وال يصلح فيها املفاليس. فاللهم أعنا على ذكــرك وشـكـرك وحسن عـبـادتـك.. وبلغنا اللهم واملسلمني أجمعني العشر وارزقـنـا اغتنامها في ما يرضيك وصلى الله وسلم وبارك وأنعم على سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرا.