نهاية «احلاكم بأمره»!
الحديث عن حتمية انصياع قطر ملطالب الـــدول الـتـي قطعت الـعـاقـات معها ليس تــشــفــيــًا، وال هـــو شــمــاتــة؛ بـــل هـــو نتيجة حتمية سعت إليها قطر بظلفها وبأفعالها الرديئة. كيف ال تدور عليها الدوائر، وتدول عليها األيـــام، وهــي التي مـا نــام أميرها السابق والحاكم الفعلي لـإمـارة حمد بن خليفة آل ثاني إال واستيقظ على تسديد طعنات ألشقائه وجيرانه وأهله، لكي ينصب نفسه حــاكــمــًا بــأمــره إلمــبــراطــوريــة «الجزيرة» الكبرى، من قطر إلى األحساء. فـهـو كـــاره مــبــغــض للسعودية واإلمارات والبحرين ومصر، وألي دولة تتقارب مع حــكــومــاتــهــا. ويـتـجـلـى ذلـــك فــي تصرفات القيادة القطرية، التي نقضت كل العهود، وقــال كثر مـن املطلعني إنـهـا بيد «األمير الوالد» وليست بيد «األمير االبن» الشيخ تميم. وقع «األمير الشاب» على صفحات «اتفاق الرياض»، الذي تم التوصل إليه بوساطة أمير الكويت الشيخ صباح األحمد، وهو بـكـامـل أهـلـيـتـه، وطـــوع إرادتــــه. لكنه حني عــــاد مـــن الــــريــــاض لـــلـــدوحـــة كـــانـــت كلمة «األمــيــر الـــوالـــد» قــد ســبــقــت، وتـــم إرغامه على التجاهل التام لاتفاق.. وكـأن شيئًا لم يكن، واعتبار ما وقــع عليه حبرًا على ورق، مستمرًا على سياسته املـؤذيـة التي استمرأها على مـدى عقدين كاملني، ولم يتمكن خالها من إسقاط حتى ذبابة، فما بالك بدول كانت ترقب تحركاته وترصد مخططاته ونياته السيئة. وهكذا استمرت الدوحة في سياسة التآمر والـكـذب والـغـدر ضد األشـقـاء؛ السعودية، واإلمــــــــــــــــــــــارات، والــــــبــــــحــــــريــــــن، وواصــــــلــــــت تشجيع اإلرهـــاب والـتـطـرف لضرب األمن واالســتــقــرار فيها، واسـتـمـرت فـي دعــم كل املخربني والطامعني والحاقدين، موهمًا تنظيم «الحمدين» نفسه بـ«ربيع» يحرق األخـــــضـــــر والــــيــــابــــس إلســـــقـــــاط األنظمة الخليجية، اعتقادًا منه أن بــاده ستسلم وسـتـنـتـفـخ مـسـاحـتـهـا وسـيـنـصـب زعيمًا كبيرًا. وهـــكـــذا كــتــب التـــفـــاق الـــريـــاض املــــوت في غــضــون ســـاعـــات مـــن تــوقــيــعــه، ألن إرادة الحاكم الفعلي لقطر «األمير الوالد» شاء ت أن تــئــده وهـــو فــي مــهــده، بـسـبـب أوهامه وهلوساته وأفكاره السوداء، متناسيًا أن الدول أوزان وأحجام، وتاريخ وجغرافيا، وعاقات احترام وحسن جوار ال أذى. سياسة «الحمدين» القائمة على الكراهية والحقد أوصلت إمارة قطر إلى ما هي عليه الـيـوم مـن مقاطعة تئن منها وإن كابرت ونـــاورت وزعــمــت غـيـر ذلـــك. قـطـر معزولة في اإلقليم وسياستها مكروهة حتى من شعبها الشقيق عــدا مـن الطامعني الترك والـحـاقـديـن الــفــرس، ولــم تعد قـــادرة على التصرف أمنيًا واقتصاديًا ودبلوماسيًا وإعاميًا كما كانت قبل ٥ يونيو ٧١٠٢، فقد أضحت تحت املجهر الدولي، واألزمة تزداد تعقيدًا بسبب أوهام «األمير الوالد»، ولن تحلها الهرولة بني عواصم العالم. وال شك أن توجيه خادم الحرمني الشريفني باستضافة حجاج قطر على نفقته وفتح مــنــفــذ ســـلـــوى أمـــامـــهـــم وإرســـــــال طائرات سعودية ملطار الدوحة لنقلهم ألداء مناسك الـحـج، يعكس مكانة الشعب القطري في وجدان السعوديني والخليجيني، بوساطة مـــن أحـــد شــيــوخ آل ثـــانـــي، وهـــو عبدالله بـــن عــلــي، وهــــو تــأكــيــد لــرفــض محاوالت حـكـومـة قـطـر تسييس الــحــج، واستخدام الشعب القطري الشقيق ورقة الستعطاف العالم واملنظمات الـدولـيـة، والــهــروب من االستحقاقات الضرورية! لقد استيقظ «األمير الوالد» على الحقيقة الــتــي يـصـر عـلـى تـجـاهـلـهـا، وهــي أن تلك املـسـمـيـات كـلـهـا عــنــوان واحـــد ملــا تتطلبه مـــبـــادئ املـــواثـــيـــق اإلقــلــيــمــيــة والدولية، واألعــراف الدبلوماسية، واألخــوة وحسن الجوار. ولن يجد من يصبر على سلوكياته املــؤذيــة كـمـثـل أشـقـائـه تـقـديـرًا لـشـعـب هو جزء من منظومة خليجية متكاملة. األكــيــد أن «األمــيــر الـــوالـــد» سـيـشـقـى أكثر فـــي جــحــيــم تــصــوراتــه وأوهـــامـــه إذا كان يعتقد بأنه سينفذ هذه املرة عبر التذاكي واملناورة. والحقيقة املطلقة أن ليست هناك صيغة تقبل بعودته مجددًا، سوى اإلذعان واالنـــصـــيـــاع لـلـمـطـالـب واملـــبـــادئ املعلنة مــن قـبـل الـــدول املـقـاطـعـة.. فـمـا ظـهـر حتى اآلن ليس إال رأس جبل الجليد.. والقادم أصــــعــــب وســـيـــخـــنـــق عــنــقــي «الحمدين» ومعهما حكومة قطر الحالية.. والشواهد الراهنة واضحة لكل ذي لب!