مؤسسة مت... قاعد

هل نتذكر تقطيع كلمة متقاعد (مــت... قـاعـد)... هـذا التقطيع ال يـتـذكـره ســوى املـتـقـاعـديـن، إذ إن حياتهم املعيشية غــدت رهن االعتقال.. اعتقال الدخل املتواضع أمام األسعار الجنونية وأمام تـحـول الكماليات إلــى ضــروريــات.. لـذلـك يصح أن نـقـول ...تم( قاعد) لكل من تقاصر دخله عما يجب أن يتقاضاه في مواجهة الحياة املكلفة. وألن املتقاعدين يقفون في آخر االهتمامات كونهم لم يعد فيهم لحم وال عظم، ينتظرون أصحاب القرار للنظر لحياتهم بمعيار الزمن الراهن وليس وفق ما وصل إليه راتبهم التقاعدي. هذه النظرة تبناها البعض وطالبوا من خالل مجلس الشورى تعديل الحد األدنى من الرواتب التقاعدية من 3 إلى 4 آالف ريال وكانت الفجيعة، وسوف أذكرها كما وردت على ألسنة عدة من مسؤولني في معنيني بتسيير املؤسسة العامة للتقاعد: * إن املؤسسة العامة للتقاعد تعاني من نقص اكتواري كبير في فرع معاشات التقاعد للقطاع العسكري.. * هذا النقص دفعها إلى اللجوء إلى أموال استثماراتها.. *وإن املؤسسة تعاني من عجز مالي قدره 80 مليار ريال، وإزاء هـذا العجز طلبت من وزارة املالية دعمها، فلم يصل إليها من املالية سوى خمسة مليارات ريال. ولم تقف هذه الفجيعة عند هذا الحد فاملحافظ السابق للمؤسسة الـتـأمـيـنـات االجـتـمـاعـيـة يـنـذر مــن نـفـاد كـامـل احـتـيـاطـات نظام التقاعد العسكري بعد سبع سنوات، واملدني بعد 23 سنة، مع العجز االكتواري (االكـتـواري هو املخمن صاحب مهنة تجارية تتعامل مع األثـر االقتصادي للخطر وعـدم اليقني بما يمكن أن تحدثه اإلصالحات لتالفي األخطار املترتبة ألي عجز مالي). وثــمــة نــذيــر يـنـص عـلـى عــدم اسـتـطـاعـة األنـظـمـة الـتـقـاعـديـة من الوفاء بالتزاماتها ليصل العجز الحقيقي عام 1459 إلى 191 مليار ريال في النظامني املدني والعسكري. لو أردنا الوقوف مع املؤسسة العامة للتقاعد متسائلني: - أين كنتم قبل وصولكم إلى العجز املالي؟ وأين هي االستثمارات التي يمكن االرتهان لها في ظل هذا العجز.. وهل تظل مطالبتكم قائمة لوزارة املالية من أجل الدعم.. وإلى متى يستمر الدعم؟ وإذا كــان املـتـقـاعـد عــمــره االفــتــراضــي بــني 60 - 65 سـنـة فماذا تفعلون عندما يرتفع معدل األعمار اإلى 70 - 80 سنة. وبالبلدي القح هل يعقل أن تتبخر كل األموال التي تم استقطاعها من املوظفني (عسكريني ومدنيني) من غير وجود خبراء يتوقعون تغير نمط الحياة اقتصاديا وصحيا واجتماعيا، مما يعني إيجاد البدائل االستثمارية وتنوعها في ذلك الحني... الـــكـــارثـــة اآلن أن بــعــض املـــواطـــنـــني يــتــقــاضــى راتـــبـــا أدنـــــى من احتياجاته بكثير جـدا، فكيف نطلب أن يعيش منعما في آخر حياته بدخل ال يصل إلـى الكفاف ومـن غير تأمني صحي ومن غير سكن ومن غير مواصالت... فأي نعيم يعيشه هذا امليت قاعدا؟ وماهو مستقبل هذه املؤسسة املعنية بكل (املت...قاعدين) وهي أقرب للموت من الحياة؟