السنة والشيعة.. التعايش وحده ال يكفي
ال أحد يستطيع أن يزعم أن الجالية اإلسامية املقيمة في الدول األوروبية لم تكن متعايشة مع بقية املواطنن في تلك الدول ومع بقية الجاليات التي تنتمي لشعوب وديانات ومذاهب وفلسفات مختلفة، بل نستطيع أن نقول إن مصطلح جالية لم يعد ينطبق على كثير من املسلمن املقيمن في أوروبا بعد أن أصبح املواطنون في تلك الــدول لهم ما لبقية املواطنن وعليهم ما عليهم، وفـق قانون يحدد حقوقهم كما يحدد واجباتهم ال يفرق بن مواطن وآخر وال يميز بن مواطن باألصل ومواطن بالتجنس، وقد مضت على ذلـك عقود مـن التعايش الــذي لـم تكن تشوبه وال تثور حوله شبهة حتى ظهرت الجماعات اإلرهابية والتيارات املتطرفة فانكسرت الجرة بن أوروبـا وشعوبها، فأصبح األوروبيون يشعرون أنهم هم أصحاب املكان وأصبح الذين كان أجدادهم وأجداد أجدادهم يشعرون أنهم طارئون على هذه األرض التي ولـدوا عليها، ال تقوم بينهم وبن أصحاب األرض غير ضروب من الريبة والتوجس ومشاعر عداء ظاهرة حينا ومكبوتة حينا. واكتشفت أوروبــا أنها كانت تعيش وهما اسمه التعايش والــذي لم يكن يـضـمـن غـيـر الــتــجــاور والــعــيــش بــســام وفـــق ضــوابــط الــقــوانــن والعدالة االجـتـمـاعـيـة، الــتــجــاور بــن مـكـونـات اجـتـمـاعـيـة ال تـتـواصـل وال تترابط بــل ويـجـهـل بعضها بـعـضـا، تعيش كــل طـائـفـة منها فــي عــزلــة عــن بقية الطوائف متوهمة أن ذلــك هـو السبيل الــذي يحفظ لها هويتها ويحمي لها معتقدها. أدركــــت أوروبــــا أن الـتـعـايـش وحـــده ال يكفي وال بــد أن يتحقق التثاقف الذي يقيم جسورا من التواصل والتقارب والتفاهم بن مختلف املكونات العرقية والدينية واملذهبية املكونة للوطن الواحد، فا يبقى طيف معزوال عن بقية األطياف مجهوال ممن سواه جاها بغيره من بقية األطياف. أدركت أوروبا أن التعايش وحده ال يكفي، فهل لنا أن ندرك ذلك؟ وهل لنا أن نسعى إلى تحقيق ضرب من التثاقف بن مكونات مجتمعنا العربي واإلسـامـي فنجسر املسافة بن تلك األطـيـاف ونرتق الفتق الــذي يتسرب منه الـخـاف الــذي ال يـحـول بينه وبــن أن يتحول إلــى فتنة مـا نتوهمه من تعايش بن تلك األطياف؟ هل آن لألطياف املكونة للمجتمع العربي واإلسامي أن تنتقل من التعايش للتثاقف فا يغدو طيف منها غريبا في أرضه معزوال أو معتزال في وطنه على نحو من السهل إثارة الفتنة بينه وبـن بقية األطياف األخــرى التي تشاركه الوطن وتتقاسم معه املستقبل واملصير املشترك.