Okaz

ماذا لو لم تنطلق عاصفة احلزم؟

- أحمد صالح الدغاري / وكيل محافظة شبوة asa-asa1234@outlook.com

عاش اليمنيون أياما صعبة ولحظات ترقب يائسة وهم يــرون بــأم أعينهم ميليشيات اإلجـــرام الحوثية وأنصار الــرئــيـ­ـس املــخــلـ­ـوع املــدعــو­مــة مــن قـبـل إيــــران تـسـقـط املدن واحــــدة تـلـو األخــــرى وصـــوال إلـــى عـــدن وبـــاب املــنــدب في ظل اختاف واضح بني موازين القوى، وكان ما بدا لهذه امليليشيات املنتشية بأنه لحظة السيطرة النهائية على األرض ما هو إال الهدوء الذي يسبق العاصفة، فانطلقت عمليات عاصفة الحزم في السادس والعشرين من شهر مـارس م2015 الخامس من جمادى اآلخـرة 6341هـــ بعد أن عزم امللك سلمان وحزم أمره وأصـدر أمره السامي في لحظة إحباط تمر بها اليمن واملنطقة، فأعاد روح األمل إلـى الناس واضعا حـدا ملشاريع طهران التوسعية التي وصلت إلى اليمن. فقد قابلت غطرسة امليليشيات إرادة ال تنقطع وعزيمة ال تـلـني لـــدى خـــادم الــحــرمـ­ـني الـشـريـفـ­ني املــلــك سـلـمـان بن عـبـدالـعـ­زيـز وولـــي عــهــده األمــيــر مـحـمـد بــن ســلــمــا­ن. وقد تجلت بوضوح هذه اإلرادة والعزيمة واإلقدام والشجاعة في موقف القيادة الحكيمة للمملكة والتصدي بكل قوة ألعداء اإلسام واملسلمني واتخاذ القرار التاريخي للدفاع عـن الشرعية الدستورية اليمنية ممثلة بفخامة رئيس الــجــمــ­هــوريــة الـيـمـنـي­ـة عــبــدربـ­ـه مــنــصــو­ر هـــــادي، بــعــد أن طلب رسميا من قيادة اململكة العربية السعودية مساندة الشرعية الدستورية اليمنية. وبــعــد مــــرور سـنـتـني ونــيــف مـــن انـــطــاق عــاصــفــ­ة الحزم والـعـزم، يطرح الـسـؤال نفسه: مــاذا لـو لـم تنطلق عاصفة الحزم وماذا كان ليحدث لو تأخرت، وبعد التفكير جليا ومحاولة املقاربة بني املاضي والحاضر واملستقبل، أجد إن اإلجابة بكل بساطة هي لكانت اليمن ضحية جديدة وجــرحــا عــربــيــ­ا إســامــيـ­ـا لــن يــنــدمــ­ل وســيــظــ­ل يـقـطـر دما ومــرارة في أمـة أثخنتها الـجـراح وتكسرت فيها النصال عـلـى الــنــصــ­ال، فـقـد كــانــت هـــذه الــحــرب حـــرب رفـــع الظلم والطغيان عن بلد شقيق ودرء الخطر عن بلد التوحيد. لـقـد تجلت لــدى خـــادم الـحـرمـني الـشـريـفـ­ني الـشـجـاعـ­ة كل الـشـجـاعـ­ة وإقــــدام وحـكـمـة الـقـائـد وبـصـيـرتـ­ه ليضع -في لـحـظـة خــطــيــر­ة- أمـــن الـيـمـن واملـمـلـك­ـة والـخـلـيـ­ج فـــوق كل اعــتــبــ­ار، فــاتــخــ­ذ قــــرارا تــاريــخـ­ـيــا أمــــاه املــنــطـ­ـق وفرضته الــحــكــ­مــة، ولــقــد أظـــهـــر­ت هــــذه الـــحـــر­ب بــجــاء أن اململكة العربية السعودية هي القلب النابض للعالم اإلسامي، وهي حجر الزاوية في الدفاع عن الجزيرة العربية والعالم اإلسـامـي، ولـم يكن ليتوقف املـد الفارسي املجوسي لوال البنية األساسية العسكرية والعمق اإلستراتيج­ي للمملكة في خارطة الحرب في الجزيرة العربية واملنطقة العربية بصورة عامة، وانعكس هذا في انضمام العديد من الدول العربية إلى التحالف العربي والتي شاركت بقوات جوية وبــحــريـ­ـة وبــريــة ملــســانـ­ـدة الـشـرعـيـ­ة الــدســتـ­ـوريــة اليمنية بقيادة اململكة. مـــن قــراءتــن­ــا لــلــتــا­ريــخ، نــجــد أن قـــيـــاد­ة املــمــلـ­ـكــة العربية الــســعــ­وديــة دائـــمـــ­ا تــتــحــل­ــى بــالــصــ­بــر والــحــكـ­ـمــة والحلم واألنــاة حتى فـي ظـل األحــداث الجسام وامللمات العظام، لكن قراراتها تأتي حازمة وجريئة عندما ينفد صبرها وتـــصـــل جـــهـــود­هـــا الــدبــلـ­ـومــاســي­ــة والــســلـ­ـمــيــة إلــــى طرق مسدودة في حل األزمات مع خصومها خصوصا عندما يصبح عامل الوقت هو الفيصل في ترجيح كفة األحداث. لكن أزمــة اليمن بـالـذات فـاجـأت املنطقة والعالم بقدرات املـمـلـكـ­ة خــاصــة ودول مجلس الــتــعــ­اون الخليجي عامة واستعدادات­ها العسكرية العالية السيما القوات الجوية بـعـد أن اكتسبت الـقـيـادة العسكرية والـسـيـاس­ـيـة خبرات ثمينة من حـرب الخليج الثانية لم تكتسبها غيرها من البلدان العربية. فعندما حلقت الصقور في لحظة مفاجئة للمنطقة كلها لتحقق أهم أهدافها العسكرية في ساعات قـلـيـلـة، أدرك الـجـمـيـع أن املـمـلـكـ­ة قــد امـتـلـكـت قـــوة جوية مقاتلة وحديثة وامتلكت أسلحة ردع تجبر خصومها على التفكير ألف مرة قبل االعتداء أو حتى التهديد. السؤال املطروح سلفا في هذا املقال وهو ماذا لو لم تنطلق عاصفة الحزم، يجعلنا ندرك حتمية وضـرورة انطاقها وفـي نفس تلك اللحظة التي انطلقت فيها، وهـو ما ينم عن أن اململكة تتمتع اليوم بقدرات سياسية واقتصادية وعسكرية كبيرة بـا شـك، ولكن األهــم مـن ذلـك مـا تتمتع بــه املـمـلـكـ­ة مــن رجــــال دولــــة وعــقــول سـيـاسـيـة وعسكرية وفكرية عماقة، وهي الثروة الحقيقية للدولة في منطقة ملتهبة ومضطربة جــدا ملـا تتمتع بـه هــذه الـكـفـاءا­ت من خــبــرات ورؤيــــة إسـتـراتـي­ـجـيـة فــي إدارة مختلف امللفات الـسـيـاسـ­يـة واالقــتــ­صــاديــة والـعـسـكـ­ريـة، والـتـعـاط­ـي معها بحنكة والتخطيط اإلستراتيج­ي على مستوى عــال من الدقة والنجاح وهـو ما لم يكن يدركه الكثير من الناس قبل اليوم وحان الوقت إلدراكه واستيعابه جيدا من قبل دعاة الفوضى في املنطقة. فكانت اململكة بثقلها السياسي واالقـــتـ­ــصـــادي صـــمـــام أمـــــان لـلـمـنـطـ­قـة ودعـــــم الــســلــ­م في الجزيرة العربية واملنطقة ككل.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia