«إن لم.. ..»؟!!..نمف وسيرة صناع التاريخ

الــرجــال سـر بـنـاء األمـــم، وقــاعــدة اسـتـقـرارهـا، وقــاطــرة نهضتها.. وتقاس قوة الدول أو ضعفها بخصوبتها في إنتاج الرجال الذين يمتلكون مقومات النبوغ والحكمة واملسؤولية واإلرادة. وعلى مر التاريخ وهب الله هذا البلد الطيب صنوفًا متفردة من الرجال، أسهموا في ترسيخ ثوابته، وصياغة مواقفه، وصناعة سيرته ومسيرته. بني صفوة هؤالء يبرز رجل الدولة، املوسوعي املبدع األمير خالد الفيصل، الــذى يقدم لنا مـن خــال كتابه «إن لــم.. فـــمـــن..!!؟».... ما يمكن وصفه بدليل إرشــادي، ومنهج عمل، ورؤيـة خبير ومرجع لألخاق وأصول التربية السليمة، وفنون اإلدارة وتنمية الذات.. ومنظومة متكاملة من لوحات بديعة عن الحق والخير والجمال. ال شك أن ما تضمنه كتاب مستشار خادم الحرمني الشريفني أمير منطقة مكة املكرمة األمير خالد الفيصل، أكثر من سيرة ذاتية، ألنه من الكتب التي ال تنضب أفكارها. وفي هذا اإلطار كان سموه صادقًا عندما أراد أال تحتار العقول في تصنيف الكتاب حتى تستريح، كـالـعـادة، وتـرتـكـن مطمئنة إلــى تصنيف واحــد قائا: «ليست مذكرات شخصية.. ولم أقصد بها سيرة ذاتية.. ولم أكتبها تــقــاريــر رســمــيــة.. فـمـا هــي إال تـجـربـة إنـسـانـيـة شكلتها املواقف واألحــــداث فــكــرا.. نــازل األيـــام عــمــرًا.. طفولة وشـبـابـًا ورجــولــة ثم كهولة.. تركت في عيني نور إسام.. وفي سمعي لحن وطن.. وعلى كاهلي مسؤولية لقب ونسب..». وكتاب املواطن خالد الفيصل، «إن لم.. فمن..!!؟».... املتشكل بالشعر والنثر والسرد، يعزز في النفس ذلك اإلحساس العميق باملواطنة، ومسؤولياتها تجاه دولة أعزها الله، بكل شيء ذات قيمة وقامة، وإن أجمل ما في الكتاب هـذه العاقة املتداخلة واملتضفرة بني الجد املوحد واملؤسس، واألب امللك العادل، واالبن األمير املواطن.. إنها عاقة تناغم أجيال يكشف الكتاب أبعادها، وإن املتأمل في كيفية تأسيس أصـول األخــاق وإرســاء قيم املواطنة واملسؤولية مـن الجد واألب، وكـذلـك هــذا التوجيه مـن األم ملـا تعلمه مكانته ومكانه في مجلس األب، وكيف يجالس الرجال، فينهل من معني ال ينضب مــن املـعـرفـة والـعـلـم واإلدراك ويـقـظـة الضمير والفكر وأصــــول الــبــاد والــعــبــاد، واملــعــانــي القيمة الــتــي أثـمـرهـا رصيد ثري من العادات والتقاليد والثقافات املتعددة، والعشق الذي با منتهى لوطن قامة وقيمة. إن األمــيــر املــبــدع، نـجـح فــي كـتـاب «إن لـــم.. فــــمــــن..!!؟».... أن يتوج سـنـوات مـن الفكر واإلبـــداع املـعـرفـي، وأرخ بالسطور سيرة رجل أسهم، بمواقفه، وبمبادراته املبكرة كمسؤول كان يحلم ويعمل، ويخطط وينفذ، ببصيرة املاضي العريق والحاضر املشرق وبأمل املستقبل.. فأعطى من اإلنجازات الحضارية والثقافية واإلنسانية ما يكفي إلرضـاء ذاته ووطنه، وملا يجب أن يكون املسؤول قائدًا مـلـهـمـًا لــآخــريــن ولــيــس مــجــرد مـــؤد لــعــمــل، بــل مــبــدع لـ«منهج االعتدال السعودي» إذ إن «اململكة انفردت ببناء دولتها على شرع الله وحــده في الكتاب والسنة.. واستمر هـذا املنهج منذ بواكير التأسيس األولى، حتى تواصلت املسيرة مع امللك سلمان -يحفظه الله- بكل العزم والحسم على ذات املنهج ليكمل مسيرة االرتقاء بالباد إلى العالم األول».