Okaz

خواطر في احلج

- د.إبراهيم إسماعيل كتبي

مـن تيسرت لـه االستطاعة للحج إنما هـو فضل مـن الله عظيم، يستوجب على الــحــاج أن يـــؤدي مـنـاسـك الــركــن الـخـامـس ويـقـضـي أيــامــه بـروحـانـي­ـة حـمـدا لله وتكبيرا لله تعالى، وسكب العبارات من جالل املوقف واملشهد في أقدس البقاع، رجاء إلى الله وتضرعا، أن يكتب له القبول والتوبة واملغفرة والعتق من النار. املسلم الــذي سبق لـه أداء الفريضة سيتابع ككل عــام شعائر الـحـج وتكبيرات الحجيج على الصعيد الـطـاهـر، ويـجـدد فـي قلبه هــذه النفحات الربانية، وما تستوجبه الفريضة على الحاج من اجتهاد في حياته بصالح األعمال، ومن لم تتهيأ له االستطاعة فهو أينما كان على أرض املعمورة، يسأل الله تعالى أن ييسر له إتمام أركان دينه ويكون قريبا ضمن حشود ضيوف الرحمن. من يقرأ التاريخ أو يسمع روايات عن الحج في املاضي البعيد، كيف كانت قوافل الحج ودوابها وما تحمل من التعب والنصب وأخطار الطريق، عبر دروب طويلة تستغرق أسابيع وبعضها شهورا، العائد منها للديار مولود، هنا يدرك كم هو إدراك اململكة لقيمة ومسؤولية هذا الشرف العظيم وقيمة نعمة األمن التي جعلها امللك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- في صدارة أولوياته بتأمني طرق الحج ومشاريع التنظيم والخدمات. من كان يصدق أو يتوقع قبل عقود زمنية أن تكون مكة املكرمة واملدينة املنورة واملشاعر املقدسة وفي القلب منها جميعا الكعبة املشرفة والحرمان الشريفان على ما هي عليه اليوم، حيث بلغت خدمات الحج ورعاية الحجاج واملعتمرين أعلى درجات الطمأنينة والسكينة بهذا التنظيم واإلنجازات من املشاريع، ويقوم عليها أبــنــاء هــذا البلد الطيب بـصـدق وخــبــرة وإخـــالص على مـــدار الـسـاعـة، ال يشغلهم عنها تعب وال حـــرارة شمس إنـمـا الحضور الفاعل واملخلص فـي كل موقع. منذ عقود طويلة كانت أخبار الحج تستغرق أياما عبر الصحف، ثم اختصرتها اإلذاعــــ­ات ثــم بـالـسـاعـ­ات مــع الـتـلـفـز­يـون، حـتـى جـــاءت ثـــورة الـفـضـائـ­يـات والبث املباشر إلـى ثــورة اإلنترنت وتقنيات التواصل الذكية، هـي الـيـوم توثق لحظة بلحظة رحلة الحجاج على الصعيد الطاهر، وهي أشرف الرحالت التي يقضي فيها املسلم وقتًا من عمره، يبذل فيها ماله وجهده، ويغادر وطنه وأهله وولده، طمعا ورجاء رضا الله ومغفرته. ما أعظمها من مشاهد يوم عرفة، والتغطيات املباشرة ألكبر حشد بشري فريد في مراحله ورحلته وزمانه ومكانه، توفر له اململكة بفضل من الله ثم إخالص قيادتها وأبنائها كـل اإلمـكـانـ­ات والـطـاقـا­ت والـخـبـرا­ت والخطط مـن الحج إلى الحج، وتكون ذروتها مع بدء املناسك حتى انتهائها في أجــواء مفعمة باألمن والطمأنينة. لـم تبخل اململكة يوما على هــذه املسؤولية ولــم تقصر يوما فـي راحــة ضيوف الرحمن، وترحيبها عمال وفعال ال قــوال، واعــتــزا­زا وتشرفا ومسؤولية، ودائما تحرص أن يكون الحج حقا (عبادة وتقديسا..ال عبارات وتسييسا) وهي ال تخلط أوراقــا، وتتصدى لـدول ال يـروق لخبثها هذا املستوى من الصفاء ملوسم الحج، ويضيرها حزم هذا البلد الطيب مع كل ما يعكر صفو موسم الحج ومن يستهدف سالمة وطمأنينة الحجيج، ومثل تلك الــدول في قلبها مــرض، يقتلها حسدها ومكرها، لكنها كأنها النار، تأكل نفسها عندما ال تجد ما تأكله، وتبقى اململكة ولله الحمد منيعة أبية مخلصة لشرف رسالتها. نسأله سبحانه أن يكلل هذه الجهود العظيمة بالنجاح، وأن يغمر وفود الحجيج برحماته وسكينته، ويتم عليهم مناسكهم باليسر والقبول.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia