ثقافة القانون والتنمية االجتماعية
طـاملـا ارتـبـطـت الـقـوانـن واألنـظـمـة بالحقوق املدنية وتنظيم التعامالت اإلنسانية، حيث إنها قد ساهمت فـــي خــلــق الــثــقــافــة الـــتـــي تــحــتــرمــهــا فـــي املجتمعات الــتــي طـبـقـت فــيــهــا، عــلــى عــكــس املـجـتـمـعـات املسيرة وفــق أعـــراف املجتمع وعــاداتــه الـتـي قـد تغيب بعض جوانب الحقوق الفردية، وقد نجد أحيانا أن بعض األنـظـمـة تبنى على قــواعــد الــعــادات والتقاليد التي قد تتناقض مع حقوق الفرد بالنظر إلى الجنس أو العرق أو الطائفة، هذا بالرغم من استحالة نشوء أي مجتمع مـدنـي متحضر دون تطبيق الــقــوانــن فيه، حيث إن املجتمعات املتحضرة تدين لها بالفضل في التحول من الحياة الفوضوية إلى الحياة االجتماعية املنظمة. لـو نظرنا إلــى أي منهجية ألي نــوع مـن اإلصالحات في كافة األصعدة سنجد أنها وال بد من أن تخرج في رؤيتها وتحقيق أهدافها عن املنظور التقليدي الذي يحظى بشرعيته وفـق ألفة الـنـاس لـه، لكنهم سرعان ما يعتادون عليه ويستجيبون له، ما يعني أن األمر يــرتــبــط بـالـتـغـيـيـر وفــــق وضــــع الــقــواعــد التنظيمية الـــحـــديـــثـــة املـــرتـــبـــطـــة بــجــمــيــع الــــنــــواحــــي الثقافية واالجتماعية واالقتصادية، كذلك السياسية. الــعــمــل بــاألنــظــمــة والـــقـــوانـــن وتـطـبـيـقـهـا عــلــى حياة الناس ينشر في الوعي االجتماعي ثقافة إدراك الفرد ملسؤولياته على املــحــور الــذاتــي واالجـتـمـاعـي، وهي الطريقة التي تخلق املواطن الصالح املدرك ملا يصدر عنه من السلوكيات، ومن جانب آخر فإن هذا التطبيق سينتج ثقافة أخـرى ال تقل أهمية عن سابقتها وهي ثقافة احترام القوانن، حتى تتحول إلى عادات تحكم العالقات االجتماعية وتجعل الجميع متساوين في الحقوق والواجبات تحت منظومة واحــدة، وهـي من أنجع الـوسـائـل للحد مـن أكثر املشكالت االجتماعية القائمة. األهم من االعتراف بالقوانن واألنظمة هو مدى الجدية فــي تـطـبـيـقـهـا، ألن الـتـطـبـيـق يـعـتـبـر الـتـجـسـيـد الحي للسلوك الفعلي وليس فقط بــاألقــوال، ألن ذلـك يعتبر من أهم العوامل األساسية التي يجب البناء عليها لتحقيق التنمية الشاملة التي نصبو إليها.