6 ..ضمير أجيال
ألنها «عكاظ» التي كانت وال تزال ضمير الوطن وصوت املــواطــن، تــفــردت دائــمــا بــالــريــادة والتميز وفــي كــل يوم يتجدد نشاطها للتحليق في القمة. املــســيــرة الــحــافــلــة لــهــذه الــصــحــيــفــة الــتــي ســطــرت على صفحاتها طيلة 60 عاما مضت، سيكتبها التاريخ التي كانت جزأ منه في سرد واقع هذه األمة والعالم، 6 أجيال تعاقبت عـلـى قـــراءة هــذه الصحيفة، يـعـرفـون جـيـدا أن محبوبتهم «عكاظ» قريبة إلى مشاعرهم حريصة على القارئ وإيصال صوته ورغباته وتطلعاته بكل وضوح وشـفـافـيـة، فــي كــل يــوم تتعايش مــع هـمـومـه وشجونه، ويتابع من خال صحيفته مراحل البناء في بلد العطاء والتقدم. من يعرف «عكاظ» حق املعرفة يجد أنها لم تكن مؤسسة إعــامــيــة أو صـحـيـفـة تـطـبـع فــقــط، بـــل يــجــدهــا جامعة شاملة تخرج منها وزراء ومـسـؤولـون ورؤســـاء تحرير وإعاميون وأدبــاء ومثقفون وشعراء، ومصنع حقيقي للخبرات. أمضت الصحيفة 60 عاما شامخة وال تقبل إال أن تكون فـي القمة والــريــادة. كــان قــراء الصحيفة شـركـاء فـي كل مراحل «عكاظ»، الجميع يعمل في سباق مع الزمن بن منتج يـصـدر، ومنتج تحت اإلعـــداد، اجتماعات يومية وورش عـمـل الخـتـيـار املـضـامـن والــقــوالــب اإلخراجية، نختلف ونــتــفــق، لكننا جميعا عـلـى قـلـب رجـــل واحد، هــذا مــا ملسته بالفعل مــع أســاتــذة أجـــاء تـعـاقـبـوا على رئاسة تحرير هذه الصحيفة. أمضيت فيها ثاثة عقود، أي نصف عمر هــذا الصحيفة العماقة، أستعيد فيها ذكريات ال تنسى منذ أن كان العمل بدائيا وحتى وصول أحـدث التقنيات الحديثة. أتذكر صالة التحرير عندما دخلتها قبل ثاثن عاما ال تسمع فيها صوتا ألحد، الكل منهمك في تدوين مادته الصحفية، وعلى النقيض من صالة اإلخـــراج التي كانت تعج بـاألصـوات (هــذا يطلب حــرفــا لـتـركـيـبـه عــلــى صــفــحــة، وذاك مــشــغــول فــي صف املـواد، وآخر مهمته لصق «السلخ» على الكرتون، حراك بــدائــي فــي اإلخــــراج الـــيـــدوي، واملــنــتــج الـنـهـائـي صفحة مخرجة وبليتات يدوية ترسل للمطابع)، وتغير الحال لتدخل التقنيات الحديثة والتي انطلقت منها «عكاظ» إلى مرحلة متجددة في التحليق قدما، وتوالت املراحل الــتــطــويــريــة لــوســائــل اإلخــــــراج والــطــبــاعــة وصــــوال إلى املنافسة فـي املنصات اإللكترونية والتميز فـي املواقع اإللكترونية ووسائل التواصل الحديثة. هنيئا لنا في «عكاظ» هذا اإلرث الكبير الذي نتوارثه جـيــا بـعـد جــيــل، ونـمـضـي الــيــوم لـنـقـول لـكـل القراء واملـتـابـعـن «نـحـن صــدى صوتكم ونـبـض مشاعركم وتطلعاتكم»، وستبقى صحيفة املليون قــارئ دائما في الصدارة.