عرفات.. دموع وخشوع على سفوح «الرحمة»
خشوع ورجاء ودموع وأمل، هي حالة ضيوف الرحمن على صعيد عرفات الطاهر، وبالقرب من جبل الرحمة، والطرقات املؤدية إليه ال تسمع إال صدح أكثر من مليوني حاج بأصوات التلبية والدعاء، والتضرع إلى الله رجاء رحمته ومخافة عذابه. بأبصار متذللة، وأعـنـاق متطلعة إلــى السماء، فـي أعظم أيــام السنة، حيث تتنزل الرحمات، ويباهي الله مالئكته بضيوفه الذين يفدون شعثا غبرا من كل فج عميق. هــنــا عــلــى صـعـيـد عــرفــات تــمــتــزج الـــدمـــوع بــالــعــبــرات فــي وجوه الــحــجــيــج، تـلـهـج ألـسـنـتـهـم بــالــدعــاء والــتــضــرع، يـحـمـل كــل حاج هدفا ومـرمـى، فمنهم مـن يدعو لنفسه وأهـلـه، ومنهم مـن يحمل هموم شعب ووطن منكوب ليفرغ ما في قلبه من ألم في خير يوم طلعت عليه الشمس، ليعود إلى وطنه مغسوال بماء الثلج مغفورا مقبوال. يقول الحاج إسـالم محمد، والـدمـوع تغالبه، منهمرة من عينيه: دعوت الله أن يرزقني وأهلي وجميع املسلمني أداء فريضة الحج، وأن يجمع شملهم ويوحد كلمتهم، أما الحاج عمر أحمد فقد دعا الله أن يلم شتات املسلمني واألمــة العربية أجمعني، فيما فضل آخــرون أن يخلوا بأنفسهم مستغرقني مستغلني كـل دقيقة على صعيد عرفات في مشهد إيماني ال يتكرر سوى في العمر مرة. فـي عـرفـات، ال لغة ترتفع فـوق لغة الـدعـاء، مـن وجــوه يشع منها نــور اإليــمــان، وأيـــاد ترتعش مـن فــرط الخضوع والــرجــاء، وأعني تفيض بالدموع في يوم الدعاء، اجتمع الحجاج مهللني ومكبرين، يلبون ويدعون، يبكون ويستغفرون، فمنهم من يمسك بقرآنه، أو يرفع يديه للسماء، أو ذاكــر ربـه ومستغفر لذنبه. وسـط خدمات وفــرتــهــا الــجــهــات املـعـنـيـة فــي مـشـعـر عــرفــات، ربــمــا تــفــوق حاجة الحجاج ما جعلهم يقفون على الصعيد الطاهر في أجواء مفعمة باألمن واإليمان والطمأنينة. كما انتشر رجـال املــرور في املشعر بشكل مكثف يساندهم أفراد األمن على الطرق املؤدية والساحات املحيطة به والشوارع داخل مشعر عرفات لتنظيم وتسهيل حركة سير املركبات واملشاة تدعمهم دوريات أمنية تجوب أرجاء املشعر. مـن جهته، أكــد قائد قــوات أمــن الحج الفريق خالد قــرار الحربي وصول الحجاج بكل يسر وسهولة وأدوا نسكهم في أجواء إيمانية ولم يكن هناك ما يعكر صفو الحجيج ولله الحمد. داعيا الله أن يستكمل الحجاج ما تبقى من نسكهم بكل يسر وسـط الخدمات التي وفرتها حكومة خادم الحرمني الشريفني لضيوف الرحمن.