UMð¡«dÐ qO oe Z(«
فــي كــل عــام يـأتـي الـحـج لينقذ موسمنا نـحـن العرب واملــســلــمــني، مـــن تــلــك اإلخـــفـــاقـــات املــتــتــالــيــة فـــي شتى النواحي واملجاالت، يأتي الحج مبتهجا وكأنه قوس قـــزح لـيـزيـن ســمــاءنــا بـعـد مــوجــة الــخــيــانــات الغزيرة والطعنات الغائرة التي تمطرنا حتى من أقرب الدول صداقة، يأتي الحج ليحسن صورتنا جميعا أمام كافة شعوب العالم، بعد أن غلفها السواد وغطتها الدماء واألحــقــاد والـضـغـائـن حـتـى بــني أبــنــاء الـبـلـد الواحد، يـأتـي الـحـج فـي آخــر لحظة ليسقط عنا تهم اإلرهاب والعنصرية بعد أن أوشــكــت املــبــادئ اإلنـسـانـيـة على إدانــتــنــا ووضـــــع حــبــل املــشــنــقــة حــــول عــنــق تاريخنا وعقيدتنا! هنا يتجلى السالم واأللفة واملحبة، حني يجتمع ماليني البشر ليؤدوا شعيرة واحدة في أمن وأمان، يأتون من كافة أصقاع الدنيا على اختالف جنسياتهم ولغاتهم ليقفوا في صفوف منتظمة مرددين (لبيك اللهم لبيك)، ال فرق هنا بني سني وال شيعي وال أشعري، إنهم على اختالف أطيافهم ومذاهبهم يعاملون من قبل اللجان املنظمة والجنود البواسل وأفــراد الكشافة املتطوعني بــالــتــعــامــل نــفــســه دون تــفــرقــة، هــنــا فـــي هــــذه األرض املـقـدسـة قــد اعـتـدنـا عـلـى رؤيـــة أفـضـل املـشـاهـد الحية التي تعبر عـن حميمية اإلنـسـان تجاه أخيه اإلنسان وخوفه عليه، وليس منه، هنا يحمل الجندي في عز الظهيرة ذلك الحاج العجوز واملنهك على ﻇهره، فيما يحتضن اآلخر ذلك الطفل التائه ويمسح دمعته حتى يجد أهله، فيما يتكاتف الجنود لرفع عربة تلك املرأة املقعدة لتتمكن من رمي الجمرات بكل يسر وسهولة. هـنـا يظهر مــدى اإلخــــالص واإلتــقــان فــي أداء العمل، وكــأنــك تـتـجـول فــي شـــوارع ومـصـانـع الـــدول العظمى مثل اليابان أو بريطانيا أو امستردام، فكل شيء يسير هنا بدقة متناهية كعقارب الـسـاعـة، مما يمكن كافة الـوفـود من تأدية فريضتها في الوقت املـحـدد، بداية بيوم التروية واملبيت بمنى ومــرورا بالوقوف بعرفة واملـبـيـت بـمـزدلـفـة، وانــتــهــاء بــرمــي الــجــمــرات وطواف الــــــوداع، كــل اإلمــكــانــات هــنــا تـسـخـر لــخــدمــة الحجاج وضــيــوف الـرحـمـن بـأعـلـى درجـــة، وفــي اعــتــقــادي أننا كعرب ومسلمني لو تعاملنا على مدار العام في مختلف شؤوننا ومناحي حياتنا بنصف ما نقدمه في تنظيم شعيرة الحج ألصبحنا في مصاف الــدول الصناعية واملنتجة بالعالم وألصبحنا من الشعوب التي يضرب بها املـثـل فــي األخـــالق واالنــضــبــاط واإلخـــالص وحب العمل. إذًا، نحن لسنا إرهابيني كما تظنون، وال يتصور أبدا أن نـؤيـد الـجـرائـم الـتـي تقشعر لها األبـــدان مثل نحر األســــرى أو دهـــس املــــارة أو تـفـجـيـر اآلمــنــني، كــل هذه الفظائع املروعة يرتكبها (خــوارج) انشقوا تماما عن تعاليمنا ومـبـادئـنـا الـسـامـيـة، والـحـمـد لله أن العالم بأسره يرانا اليوم على حقيقتنا، بعد أن أعـاد موسم الحج للعالم العربي واإلسـالمـي صورته الزاهية في نظر العالم وأخرجه من كل التهم املوجهة إليه نقيا من الخطايا والذنوب كيوم ولدته أمه.